شارك نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، مساء الخميس 26 دجنبر 2025 بمدينة الدار البيضاء، في جلسة نقاشية تناولت موضوع “الذكاء الاصطناعي: تحول واسع النطاق وقطيعة حضارية”، نظمتها رابطة المهندسين الاستقلاليين بشراكة مع مؤسسة ألمانية تعنى بالديمقراطية والتنمية، بحضور قيادات حزبية، وبرلمانيين، وخبراء وباحثين في مجال التكنولوجيا الحديثة.
وأكد بركة، في مداخلته، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد موضوعًا تقنيًا معزولًا، بل تحول إلى قوة مؤثرة في الحياة اليومية، وفي عمل المؤسسات والمقاولات، وصناعة القرار العمومي، مبرزًا أنه يمثل ثورة مجتمعية شاملة بدأت تعيد تشكيل المجتمع والاقتصاد وموازين القوى العالمية.
وأوضح أن هذه التحولات تطرح أسئلة عميقة مرتبطة بسرعة الإيقاع وربح الوقت، وتأثير الذكاء الاصطناعي على قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والعدالة، وعلى الديمقراطيات نفسها، محذرًا في المقابل من مخاطر التزييف العميق وما يرافقه من تراجع الثقة في المعلومة والقرار العمومي.
وتوقف الأمين العام عند إشكالية التشغيل، متسائلًا عن أثر الذكاء الاصطناعي على فرص الشغل، ومؤكدًا أن المهن ستتغير وأن فرصًا جديدة ستظهر، لكنه شدد على ضرورة مواكبة هذا التحول بسياسات منصفة تمنع تعميق الفوارق الاجتماعية.
كما أثار تساؤلات جوهرية حول من يتحكم في هذه التكنولوجيا ومن يراقبها ومن يستفيد من قيمتها المضافة، مشددًا على أن تحسين نجاعة السياسات العمومية لا يجب أن يكون على حساب بقاء الإنسان سيد قراره.
وأكد بركة أن حزب الاستقلال يعتبر تقليص الفوارق المجالية وتعزيز التماسك الاجتماعي شرطًا لتحقيق الوحدة الوطنية، معتبرًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة لتحرير المواطن من الفقر والجهل والأمية الرقمية، وتعزيز السيادة الوطنية في مجالات حيوية كالغذاء والماء والطاقة والصحة.
وشدد على أن السيادة الرقمية تعني امتلاك تكنولوجيا وطنية منسجمة مع القيم والهوية المغربية، وقادرة على بناء مغرب تكافؤ الفرص، وتقوية ثقة الشباب في المستقبل، محذرًا من تحويل العدالة إلى “صندوق أسود” أو استبدال القاضي بالخوارزميات.
وفي ختام كلمته، أكد بركة أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون في خدمة الإنسان والتشغيل والعدالة والسيادة الوطنية، لا العكس، داعيًا إلى تعميم التكوين الرقمي، وتنمية الحس النقدي، وحماية الديمقراطية من الأخبار الزائفة والتلاعب بالرأي العام.
كما عرف اللقاء نقاشًا موسعًا بمشاركة خبراء، تطرقوا لآفاق الذكاء الاصطناعي في الصحة والتعليم والبحث العلمي والتصنيع، مع التأكيد على ضرورة تحديث القوانين، وبناء الكفاءات، ودعم المقاولات، واستشراف تحولات سوق الشغل.