أثار التقرير الأخير الذي رفعه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى الجمعية العامة في دورتها الثمانين، تحليلات متباينة، حيث ركز بشكل لافت على التحولات في مواقف قوى أوروبية كبرى لصالح المغرب، لكنه في المقابل أغفل بشكل تام مواقف دولية أخرى فاعلة، مما فتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة الوثيقة على عكس الواقع الجيوسياسي للملف.
في تفاصيل ما أورده، سلط التقرير الضوء على الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي في التاسع من يوليو 2024، والتي اعتبرت مقترح الحكم الذاتي “الأساس الوحيد” للحل، والبيان البريطاني المشترك في الأول من يونيو 2025، الذي وصف الخطة المغربية بأنها “الأساس الأكثر مصداقية وواقعية”.
وحرص غوتيريش على إدراج ردود جبهة البوليساريو المنددة بهذه المواقف، كما أشار إلى حكم محكمة العدل الأوروبية بخصوص الاتفاقيات التجارية.

إلا أن القيمة التحليلية للتقرير تكمن فيما سكت عنه، حيث لوحظ غياب أي إشارة إلى تجديد الإدارة الأمريكية دعمها لمغربية الصحراء، وهو الموقف الذي تم تأكيده خلال لقاء وزيري خارجية البلدين.
كما تغاضى التقرير بالكامل عن الديناميكية الدولية المتزايدة والداعمة للموقف المغربي، والمتمثلة في انضمام دول أوروبية وإفريقية جديدة لقائمة الداعمين بعد أن كانت تاريخيا محسوبة على الطرف الآخر.
هذا المنهج الانتقائي هو ما يركز عليه المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، خالد الشيات، في تصريح لجريدة “بلبريس”، حيث يرى أن التقرير يعتريه نقص كبير ويعكس تراجع دور الأمين العام في التأثير على الملفات الدولية.
وأوضح الشيات أنه ’’رغم الملاحظات التي يمكن تسجيلها على هذا التقرير الذي رفعه الأمين العام للأمم المتحدة بحيث أنه لم يذكر مجموعة من الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء وطبعا، لم يحدد في كثير من الحالات والمسؤوليات‘‘.
ويضيف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، أن التقرير فشل في ’’ضبط هذه المسؤوليات الموجهة ضد الأفراد، وتحمل الأفراد والجمعيات التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بمسار سلمية الحل الذي تتبناه الأمم المتحدة، وطبعا ما يعاكس ذلك من أعمال عسكرية ممنهجة من طرف أعداء الوحدة الترابية‘‘.
من هذا المنطلق، يخلص المحلل السياسي إلى أن القوة الحقيقية لم تعد بيد الأمين العام الذي ’’لم يعد يملك أي أدوات وآليات حقيقية للتأثير في أي ملفات دولية بمافيها قضية الصحراء‘‘.
ويرى الشيات أن الملف دخل في إطار تدافع وتوافقات أخرى تقودها القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرا أن الحوار الذي تقوده واشنطن هو الأهم لأنه ’’هو الذي سيحدد الأدوات القانونية التي ستأتي في ما بعد، لتكريس ولتوجيه أيضا الحل النهائي لهذه القضية‘‘.
وفي ختام تحليله، ينتقد الشيات اختيار الأمين العام ’’أن يمشي في نوع من التقليدية في هذه المرحلة، وأن يسكت عن بعض الممارسات التي كان من المفروض أن تكون أيضا ضمن التقرير‘‘، معتبرا أن هذا التوجه لا يقدم رؤية واضحة للدول الأخرى التي ترغب في الانخراط إلى جانب الولايات المتحدة في حل هذا النزاع المفتعل.