انتقد الخبير الاقتصادي ادريس الفينة المذكرة التي وجهها وزير الداخلية إلى السادة الولاة والعمال، معتبرا إياها مبادرة تخرق قوانين أساسية للبناء الديموقراطي في المملكة وتكرس المقاربات السابقة التي أدت إلى الوضع الحالي.
وأوضح الفينة في تدوينة على فيسبوك أن المذكرة، التي جاءت كتفاعل مع الخطاب الملكي الداعي لإنهاء “مغرب السرعتين”، تخطئ الهدف وتلتف على الاختصاصات التي حددها القانون للجماعات والأقاليم والجهات. وأضاف الفينة أن جلالة الملك لم يطلب توجيه مذكرة من هذا النوع، بل وجه الحكومة لاعتماد جيل جديد من برامج التنمية، وهو ما يقتضي مسارا تشريعيا واضحا.
ويرى الفينة أن وزير الداخلية ألقى بالكرة الساخنة في مرمى الولاة والعمال دون تحديد المفاهيم المعقدة الواردة في المذكرة، مثل “التنمية المجالية المندمجة”، مما سيؤدي حتما إلى تأويلات متباينة واستمرار الوضع على ما هو عليه.
وأضاف قائلا إنه كان من الأجدر تنظيم ورشة عمل داخلية لتحليل أسباب فشل المقاربات السابقة بدلا من مطالبة نفس المسؤولين الذين أشرفوا عليها بإنتاج برامج جديدة.
كما أكد الفينة أن المشكلة الحقيقية التي أشار إليها الخطاب الملكي لا تكمن في غياب الوثائق والبرامج، بل تتعلق أساسا بضعف التمويلات الموجهة للمناطق الفقيرة من جهة، وضعف الحكامة الترابية من جهة أخرى.
واستشهد الفينة بدراسة أشرف عليها شخصيا منذ أكثر من عشر سنوات، والتي كشفت أن الميزانيات الضعيفة المخصصة للجماعات الترابية الهشة لا تسمح لها بتجاوز العجز المتراكم.
ومن الناحية القانونية، شدد الفينة على أن الوثيقة التي طلبتها المذكرة لا تستند على أي أساس دستوري أو قانوني، على عكس برامج العمل الجماعية والإقليمية والجهوية التي ينص عليها القانون.
وخلص الخبير في الاقتصاد إلى أنه كان من المطلوب، خصوصا ونحن على أبواب الانتخابات، تعديل القوانين المنظمة للجماعة والإقليم والجهة لتتماشى مع الرؤية الملكية الجديدة، والسماح للأجهزة المنتخبة بلعب دورها الكامل. كما دعا إلى استغلال نتائج الإحصاء العام الأخير لتحديد المناطق ذات الأولوية والبحث عن آليات تمويل جديدة، مؤكدا أن الاستمرار بنفس الميزانيات الضعيفة لن يغير من الواقع شيئا، مهما بلغت البرامج من ذكاء.