مع انطلاق التحضيرات الرسمية للانتخابات التشريعية لعام 2026، بناء على التوجيهات الملكية، وضعت وزارة الداخلية الأحزاب السياسية أمام أول اختبار حقيقي، بمنحها مهلة شهر واحد لإعداد مقترحاتها بشأن تعديل القوانين الانتخابية.
وفيما قد يبدو هذا الأجل الزمني قصيراً للوهلة الأولى، يطرح تساؤل حول مدى كفايته لإنجاز مهمة بهذا الحجم.
للإجابة على هذا الإشكال، يوضح الباحث في الشأن السياسي، صالح النشاط، في تصريح لجريدة “بلبريس”، أن هذه المدة التي تم التوافق عليها بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية هي في الأصل مقبولة وكافية تماما.

ويستند النشاط في ذلك إلى اعتبارات رئيسية، أبرزها أن الأحزاب السياسية، بحكم وظيفتها وطبيعة عملها، يُفترض فيها أنها تتوفر بالفعل على خريطة طريق واضحة تتضمن الملاحظات والتوصيات التي استنتجتها من خلال تقييمها للمحطة الانتخابية السابقة ليوم 8 شتنبر 2021.
وبناءً على ذلك، فإنها لا تحتاج سوى لأيام قليلة لإعادة ترتيب تلك الملاحظات وتحيينها وتصنيفها لتقديمها في شكل مقترحات رسمية.
ويضيف الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أنه حتى لو كانت بعض الأحزاب بحاجة إلى عقد اجتماعات لمكاتبها التنفيذية أو مجالسها الوطنية لمناقشة هذه المقترحات، فإن مدة شهر تظل كافية لإنجاز المطلوب.
فالعامل الزمني يلعب دورا حاسما، حيث إن المدة التي تفصلنا عن انتخابات 2026 لا تتجاوز السنة الواحدة، وهي فترة ستخصص لدراسة المقترحات وتقديمها في صيغة قوانين تنظيمية إلى البرلمان لمناقشتها والمصادقة عليها، وهذا المسار التشريعي يتطلب وقتا كافيا لا يمكن هدره. على حد تعبيره.
ويرى النشاط أن امتلاك رؤية واضحة حول التعديلات المطلوبة هو جزء لا يتجزأ من الوظيفة الدستورية للحزب السياسي، سواء كان في الأغلبية الحكومية أو في المعارضة أو حتى خارج المؤسسة التشريعية. فمن مهامه الأساسية تأطير المواطنين وإشاعة الثقافة السياسية وعقلنة المشهد الانتخابي، وهو ما يفرض عليه امتلاك ملاحظات وتوصيات جاهزة بخصوص القوانين الجاري بها العمل حالياً، كالقوانين التنظيمية المتعلقة بمجلسي النواب والمستشارين وانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، وقانوني مدونة الانتخابات واللوائح الانتخابية العامة.
ومن المتوقع، حسب الخبير ذاته، أن تتركز مقترحات الأحزاب حول محاور أساسية غالبا ما تكون محور النقاش الانتخابي، وعلى رأسها نمط الاقتراع بين اللائحي والفردي، ومراجعة التقطيع الانتخابي، وطريقة إعداد اللوائح الانتخابية، ونظام “الكوطا” لضمان تمثيلية أفضل للنساء، بالإضافة إلى القواعد المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية، وحدود تدخل الإدارة، ووضع إجراءات فعالة وحاسمة للقطع مع الممارسات التي تمس شفافية ومصداقية العمليات الانتخابية.