الشيات وشقير يفككان رسائل مستشار ترامب في زيارته للجزائر

في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام داخل الأوساط الرسمية الجزائرية، اختتم مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مسعد بولس، زيارته الرسمية إلى الجزائر دون أن يتطرق، لا من قريب ولا من بعيد، إلى ملف الصحراء المغربية، الذي تعتبره الجزائر من أولويات أجندتها الدبلوماسية، تجاهل وُصف من طرف مراقبين بأنه “مقصود” ويعكس بشكل غير مباشر ثبات الموقف الأميركي إزاء الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

وتجنب بولس، الذي نقل عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استعداده لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات الأمن ومحاربة الإرهاب والتبادل التجاري، بشكل كامل أي إحالة على النزاع الإقليمي الذي راهنت الجزائر على إثارة الانتباه إليه خلال الزيارة، وهو صمت لم يمر مرور الكرام، بل أعاد إلى الواجهة تأكيد واشنطن الضمني لموقفها المعبر عنه سنة 2020، حين اعترفت إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء.

المحلل السياسي: خالد الشيات
المحلل السياسي: خالد الشيات

وفي تحليله لأبعاد الزيارة، يرى  أستاد العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات أن التحركات الأميركية في شمال إفريقيا تُفهم ضمن دينامية مزدوجة؛ واحدة استراتيجية طويلة الأمد، وأخرى ظرفية نفعية، تستفيد من “العروض السخية” التي تقدمها الجزائر، لا سيما في المجال الطاقي، لكسب رضا واشنطن أو على الأقل تحييدها.

ويضيف الشيات أن “الولايات المتحدة لا ترفض الهدايا المجانية، لكنها لا تُغامر بموقف استراتيجي مثل دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي يحظى بدعم متزايد من قِبل قوى دولية وازنة.”

من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد شقير أن زيارة مستشار ترامب المكلّف بشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، والتي كان من المقرر أن تتم في أبريل الماضي، تندرج ضمن استراتيجية أمريكية تروم حل النزاعات القائمة في القارة الإفريقية، كل حالة على حدة، ووفق رؤية تقوم على تقليص المساعدات الإنمائية، وفتح المجال أمام المبادلات التجارية مع الدول النامية، بما فيها الإفريقية.

ويضيف شقير أن هذا التوجه يستدعي إنهاء النزاعات العسكرية والسياسية التي طال أمدها، وفي مقدمتها نزاع الصحراء، الذي تفاقم بفعل التوتر المغربي الجزائري.

وتندرج زيارة بولس وفق ذات المصدر، في إطار مساعٍ لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، انطلاقًا من الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وهو موقف جدّده ترامب خلال حملته لولاية رئاسية ثانية، داعيًا إلى طيّ نهائي لملف طال أمده لنحو نصف قرن.

ويُشير شقير إلى أن بولس، الذي سبق له التوسط في نزاعات إفريقية خاصة بمنطقة البحيرات، يسعى إلى الضغط على النظام الجزائري، في ظل العزلة الدبلوماسية التي بات يعانيها بعد تغيّر مواقف دول كبرى، من قبيل اعتراف فرنسا بمغربية

المحلل السياسي: محمد شقير
المحلل السياسي: محمد شقير

الصحراء، ودعم بريطانيا لمبادرة الحكم الذاتي، ومواقف مماثلة لدول إفريقية ككينيا، فضلًا عن التصدع الذي أصاب موقف جنوب إفريقيا بعد الزيارة الأخيرة لرئيسها السابق جاكوب زوما.

انطلاقًا من هذه المعطيات، يؤكد شقير أن مهمة بولس لن تكون سهلة، إذ سيحاول إقناع النظام الجزائري باستيعاب المتغيرات الجيوسياسية الجارية، والبحث عن صيغة توافقية لتسوية النزاع، أو على الأقل تخفيف حدة التوتر بين البلدين، ضمن إطار يضمن الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل الأزمات المتصاعدة في ليبيا والسودان.

ويختم شقير بأن تصريح بولس عقب لقائه بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية حول الارتياح بشأن التعاون في مجالي التجارة والطاقة، لا يمكن أن يخفي المحادثات المرتبطة بملف الصحراء، واستماعه للموقف الجزائري، وهو ما يُرجح أن يتم نقله إلى الجانب المغربي خلال الزيارة المقبلة المرتقبة إلى الرباط.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *