الدورة البرلمانية الربيعية.. دورة النقاش العمومي والإصلاحات الاجتماعية الكبرى
افتتح مجلس النواب ، يوم أمس الجمعة، أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2023 – 2024، الموسومة بأجندة تنظيمية وتشريعية ورقابية حافلة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية عملية انتخاب رئيس لمجلس النواب لما تبقى من الولاية البرلمانية (2021-2026)، وذلك طبقا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس التي تنص على أنه "ينتخب رئيس المجلس في مستهل الفترة النيابية، ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور".
وبعد منافسة بين السيدان رشيد الطالبي العلمي "مرشح الأغلبية البرلمانية" وعبد الله بوانو "رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية" على منصب رئيس مجلس النواب لما تبقى من الولاية البرلمانية الحالية، فاز الطالبي العلمي بالمنصب بمجموع أصوات 264 صوتا من أصل 324، وفضلا عن انتخاب رئيس مجلس النواب تعد هذه الدورة البرلمانية محطة أيضا، لتجديد هياكل المجلس.
هذا وستعرف هذه الدورة البرلمانية البت في بنصوص ذات أولوية، تحظى بنقاش مجتمعي واسع، وعلى رأسها تلك المتعلقة بإصلاح مدونة الأسرة والقوانين المرتبطة بمنظومة العدالة منها القانون الجنائي والمسطرة المدنية، وكذا مشروع القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، إضافة إلى النظر في مدونة السلوك والأخلاقيات التي دعها إليها الملك في 17 يناير الماضي.
ويشكل البت في المواضيع والنصوص المذكورة سابقة في تاريخ العمل البرلماني المغربي، كما تضع المؤسسة التشريعية أمام تحديات مرتبطة بالدقة في صياغة القوانين وتعديلها مع مراعاة المتطلبات والانتظارات المجتمعية واحترام الزمن التشريعي المطلوب، الأمر الذي يراهن أعضاء البرلمان على اختلافهم السياسي و"الإيديولوجي" على كسبه وتحقيقه.
ويُتوقع من صدور مشاريع القوانين الأربعة التي وصل فيها قانون المسطرة المدنية مرحلة المناقشة التفصيلية، إحداث تغييرات جذرية في الممارسة القانونية على صعيد المؤسسات القضائية وكذا على الصعيد الاجتماعي حيث الارتباط الأساسي وكذا الفئة المستهدفة بالدرجة الأولى هي المجتمع المغربي.
وتعكس الممارسة البرلمانية في هذه الدورة، مدى الارتباط العميق بين المؤسسة التشريعية والشارع المغربي، وقوة التأثير الثنائي المتبادل بين الجانبين خاصة في المواضيع الكبرى، ويضل السؤال المطروح في هذا السياق هو من سيُؤثر في الآخر؟ وهل سيحدث توافق بين البرلمان والمجتمع ويحقق الأول تطلعات وآمال الطرف الثاني؟
كذلك، على الصعيد السياسي، يُنتظر خلال هذه الدورة حدوث توافقات سياسية وحزبية قد تكون "مفاجٍئة" بين الأحزاب الممثلة في البرلمان على اختلاف مرجعياتها السياسية والاجتماعية والدينية كذلك حيال المواضيع المطروحة، سواء بين أحزاب الأغلبية فيما بينها أو أحزاب المُعارضة، ووضع المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الأخرى والاعتبارات السياسية.
لا شك أن الدورة المفتتحة يوم أمس، ستشكل محطة بارزة في تاريخ البرلمان الذي احتفل بالذكرى الستين لتأسيسه هذه السنة، وبالنظر لما راكمته المملكة من إنجازات إصلاحية اجتماعية وسياسية كبرى، فإن الرهان اليوم على البرلمان هو استكمال المسيرة الإصلاحية ومواكبة التحولات الاجتماعية المتسارعة داخل المجتمع المغربي.
أيمن مرابط - الرباط