يتساءل عدد من المراقبين عن تداعيات ما يعيشه البيت الداخلي لحزب الاستقلال مؤخرا من خلافات داخلية متصاعدة اياما على عقد المؤتمر الوطني للحزب، والذي من بعده ينتظر إجراء تعديل حكومي من بعد اقتناع الكل بضعف أداء عدد من وزراء حكومة اخنوش ، وفشلهم في تدبير قطاعاتهم الوزارية ، في وقت يواجه فيه المغرب تحديات وطنية اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبة، وتحديات جيو سياسية إقليمية ودولية دقيقة.
لذلك ،لاحظ المهتم بأن حزب الاستقلال لا يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى، آخرها قضية نور الدين مضيان رئيس الفريق البرلماني الاستقلالي السابق ،والتي إتخذت أبعادا غير متوقعة لاستغلالها الماكر من طرف بعض ''الاستقلاليين القياديين'' لتصفية الحساب مع نزار بركة اولا ونور الدين مضيان ثانيا.
وحسب عدد من الاستقلاليين; فهناك إصرار من جهات ما لنسف جهود التوافق الذي تم بين تيار الصحراء ونزار بركة لإنجاح مؤتمر حزبهم في شهر أبريل المقبل 2024.
هذا ويروج حديث داخل دهاليز تيارات حزب الاستقلال، ان هناك تيار ما في جهة معينة يخطط لنسف المؤتمر، عبر إحراج قيادات الحزب ودفعهم الانشغال بقضايا هامشية لإضعافه، ليتم إخراجه من الحكومة في اقرب وقت على غرار خطة حميد شباط في عهد حكومة بنكيران.
كما شكك بعض المعلقين داخل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب، قائلا: "على أن هذه المحاولات غير جدية، ولا تستحق النظر فيها وحتى ولو صدرت كرغبة من طرف ما، وستظل على مستوى الأماني والاحلام أمام قوة واصرار القيادة والمناضلين على حماية مؤسستهم الحزبية من قطاع الطرق السياسية ومن مختطفي الأحزاب".
ولم يستبعد بعض القياديين ذوي الخبرة في إدارة الوساطات والنزاعات الداخلية للحزب، أن يكون هذا التيار المذكور " مسنودا من جهات خارج الحزب تحاول أن تصغي حسابات تاريخية وقديمة مع حزب علال الفاسي ومع فكره وتراثه الفقهي والفكري، أو تهدف إلى الانتقام من قوة التنظيم الذي تصدى لعملية التجريف أيام حميد شباط مع حلفاء غير موثوقين حينها"، ومؤكدا في ختام تصريحه" أنه على هؤلاء الجدد في السياسة وفي المواجهات أن يستفيدوا جيدا من دروس حميد شباط الذي انتهى به الأمر مرشحا في حزب آخر بعدما كان أمين عام حزب الاستقلال، وذلك بسبب ثقته الزائدة في حلفاء عابرين، فخرج من الحكومة وأضعف الحزب حينها لكنه إنتهى به الوقت إلى خروجه هو من المغرب وبقاء الحزب هنا في المغرب شامخا"، حسب تعبير المصدر الذي فضل عدم كشف هويته.
وشدد القيادي الاستقلالي "على أن هؤلاء ومن على شاكلتهم يؤكدون عبارة زمن الرداءة السياسية وأن الحزب سيتطهر منهم قريبا، لأنه لا معنى عند هذه الفئة من السياسيين للنضال ولا للإيمان بمبادىء الحزب بل ما يهمهم هو المصالح الشخصية الآنية"، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال سيكون أحسن بكثير من دونهم، فهم لن يكونوا أقوى أو أكثر تأثيرا من شباط الذي "كاد أن يحطم كل ما بناه الزعماء الاستقلاليون ومناضلو الحزب من رصيد سياسي يميزه عن باقي الأحزاب الأخرى، مضيفا أن دليل تعافي الحزب هو قرب إنتهاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر ،من عملها بكل تفان وجدية ومسؤولية، فيما غاب بعض القياديين عنها وفضلوا قضاء رمضان ببلجيكا.
ومن المؤسف جدا اليوم ان نرى المشهد الحزبي المغربي عموما في هذه الحالة الكارثية،خصوصا احزاب الحركة الوطنية التي اصبح من الصعب اليوم تمييزها عن سلوكيات وممارسات ما كان يمارس بالامس في الادبيات السياسية المغربية ''بالاحزاب الادارية''.
صاحب الجلالة الملك محمد السادس كان واضحا في اول خطاب له للاحزاب السياسية قائلا ''لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين''، وجاء بعد ذلك دستور 2011 ليسمو بالاحزاب ، وجاء قانون تنظيمي متعلق بالاحزاب لتنظيمها .
لكن مع الاسف فضل جل قادة الاحزاب المغربية اتجاها آخرا معاكسا للخطابات الملكية، حتى اصبح الواقع السياسي المغربي يعاني من مشهد حزبي عبثي وكارثي وبئيس ، وهذا ما لا يرضاه كل ديمقراطي مؤمن بأهمية تواجد الاحزاب في أي نظام سياسي كركيزة أساسية لأي ديمقراطية.