أظهرت تصريحات الحكومة ردا على كلمة عبد اللطيف الجواهري ، مدى تقاعس الحكومة في تقدير أزمة الحبوب وافتقارها لليقظة أمام المخاطر التي تهدد السلم والأمن الاجتماعي، بما فيها مخزون البلاد من الحبوب.
ويعتبر الحبوب من أهم المواد الحيوية، المؤمنة للسيادة والأمن الغذائي في المغرب، والتي تلبي الإحتياجات الأساسية المحلية بالنسبة لأغلب المغاربة؛ غبر أن حدة أزمتها المقلقة، باتت تتصاعد بسبب قلة المياه.
حيث يعيش قطاع الحبوب في المغرب على صفيح ساخن، بعد توالي سنوات الجفاف، التي أدت إلى تقليص خطير في الإمدادات المحلية؛ وفقدان فرص الشغل التي يوفرها هذا القطاع.
ووفقا لوالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري؛ فإن محصول الحبوب، من المحتمل أن يصل 25 مليون قنطار، مقابل 55.1 مليون قنطار في العام الماضي.
غير أن مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال بأنه من السابق لأوانه الحديث الآن في هذا الموضوع؛ بشأن توقعات الموسم الفلاحي.
وقد جاء رد الناطق الرسمي، خلال ندوة صحافية التي أعقبت المجلس الحكومي ليوم الخميس 21 مارس؛ بعد يومين من تصريح الجواهري، في ندوة صحفية عقب اجتماع لمجلس بنك المغرب.
حيث أكد والي بنك المغرب، على تراجع حاد في محصول الحبوب خلال العام الحالي؛ بعد توالي سنوات الجفاف، والتساقطات المطرية الضعيفة، والموزعة بشكل غير متساو عبر ربوع المملكة.
وأكد الجواهري أن تراجع المساحة المزروعة بالحبوب في العام الحالي لـ2.5 مليون هكتار، مقابل 3.7 ملايين هكتار في السنة الفارطة؛ هو الذي يؤشر على معطيات بنك المغرب.
بالإضافة للمعطيات المتوفرة بخصوص التساقطات المطرية والمساحة المزروعة؛ مشيرا في نفس الوقت إلى إمكانية تحسن المحصول، في أفق التساقطات المطرية المحتملة في مارس وأبريل.
ومن جهة أخرى، يرى مهنيو القطاع الزراعي، بأن المحصول الوطني في الأشهر القادمة، سيكون مشابها لما هو عليه في السنين القليلة الفارطة، أمام استمرار تأثيرات الجفاف.
وحسب الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، يتعين على المغرب زيادة حجم واردات القمح لهذا الموسم، من أجل سد الطلب الداخلي، بعد ست سنوات من الجفاف المتتالية.
وسبق لمنصة الرؤى الزراعية أن توقعت في تقرير سابق لها؛ أنه من المحتمل أن يتزايد حجم الواردات من القمح لدول شمال أفريقيا، خلال الموسم الفلاحي لـ 2024 و2025.
كما حذرت مراكز بحثية تابعة للمفوضية الأوروبية، من خطر الجفاف بمنطقة البحر الأبيض المتوسط؛ بعدما وصلت نسبة مخزون المياه لأدنى مستوياتها التاريخية، في ظل استقرار معدل ملء السدود عند %23.
ويعد الخيار الأمثل من أجل الاستجابة للطلب الداخلي، هو الزيادة في واردات الحبوب، من أجل تعزيز مخزون المغرب من القمح؛ قبل تفاقم الوضع في الأيام القادمة، مع استمرار الجفاف.
وبالتالي فإن معطيات والي بنك المغرب حول مخاطر الجفاف على محصول الحبوب؛ بمثابة منبه يستشرف المخاطر المستقبلية المحتملة لتأثير الجفاف، من أجل وضع برامج استعجالية حكومية استباقية.
وعليه، فإن تفاعل الحكومة مع الموضوع بكون الحديث عنه سابق لأوانه؛ يظهر مدى تقصير الحكومة في التعاطي مع الملفات الاستعجالية، والتي تهدد السلم والأمن الاجتماعي.
وعوض تسطير برامج استراتيجية استباقية بعيدة المدى؛ فإن السياسات الحكومية لا تتحرك إلاّ بعد الوقوع في المخاطر؛ في شكل خطط استعجالية ترقيعية، وإغفال اليقظة حول الأمن الغذائي.
وجدير بالذكر أن توالي الجفاف، أدى إلى فقدان وظائف في قطاع الفلاحة؛ ما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة لنسبة %13 في عام 2023، وفق لتقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط.
كما أن استيراد القمح من الأسواق الخارجية، يؤثر على ميزان المدفوعات، الأمر الذي من شأنه أن يهدد بارتفاع التضخم في حال استمرار الأزمة، وزيادة أسعار القمح على المستوى العالمي.
الأمر الذي يتطلب استجابة الفورية قبل فوات الأوان، وانعاش المخزون المغربي بالحبوب المستوردة؛ قبل ارتفاع أسعارها على المستوى العالمي.