تم تأكيد مقولة "حزب الأصالة والمعاصرة، حزب الإستثناء منذ التأسيس إلى اليوم"، كونها مقولة صحيحة تجسدت في مخرجات المؤتمر الخامس لحزب البام .
أولها، هو انتخاب قيادة ثلاثية جماعية ومنسقتها الوطنية، فاطمة الزهراء المنصوري، التي لها نفس إختصاصات الأمين العام السابق.
وهنا نتساءل لماذا لم يتم إنتخابها أمينة عامة وانتهى الأمر؟
ثانيها، ظهور قيادة شابة صعب عليها أن تملأ الفراغ، الذي سيتركه عبد اللطيف وهبي، بعد مغادرته سفينة البام، والذي رغم ما يقال عنه، فهو كائن سياسي محنك وقيادي مشاكس صلب.
ثالثها، تهميش عدة قيادات في محطة المؤتمر الخامس، والتي خرجت خاوية الوفاض من التموقع في التنظيمات الجديدة.
لذلك، نقول أن تيار المنصوري هو الرابح في هذا المؤتمر، وعلى رأسهم محمد المهدي بنسعيد. بالإضافة إلى، أن هناك قياديون خاسرون في هذا المؤتمر، الذي أظهرت قيادته الجديدة قوتها وتوجهها نحو التغيير. لكن هذا الأخير، أدى ثمنه قيادات بامية أهمهم يونس السكوري ،وسمير كودار، ورشيد العبدي وعبد اللطيف وهبي، باعتبارهم أبرز الخاسرين.
عبد اللطيف وهبي، الحالم بولاية ثانية، والذي صرح سابقا، بأنه سيضع أوراق ترشيحه إذا لم تترشح المنصوري. لكن الأمور تمت بخطة مدروسة لابعاده من قيادة الحزب. الأمر الذي جعل عدسات الكاميرات، وأعين الصحافيين اللبيبة، تركز على التقاط الإشارات وإيحاءات التأثر والحزن وأيضا الخوف التي بدت على ملامحه، بعد إعلان القيادة الجديدة للجرار.
وهبي كان متعصبا وغير مرتاح ،وبحسرة أكد استعداده للمضي قدما في العمل من داخل قواعد الحزب كمناضل، وعلى الرغم من ذلك، كانت علامات التأثر واضحة عليه، ولذلك غادر المكان مباشرة، بعد خطابه دون أن يستمع إلى كلمات أعضاء القيادة الثلاثية.
وفي نفس السياق، بينما كان سمير كودار، يتطلع إلى الحفاظ على منصبه كنائب للأمين العام، والذي شغله طيلة عهدة عبد اللطيف وهبي، وجد نفسه خارج دائرة القرار بعد حذف الامانة العامة، وتعويضها بـ"القيادة الجماعية للأمانه العامة"، كما أنه كان يطمح بمنصب رئاسة المجلس الوطني، إلا أنها سلمت للشابة نجوى كوكوس. لذلك، لم يتمكن سمير كودار، من الحصول على منصب تنفيذي، سوى عضوية في المكتب السياسي بصفته رئيسا لجهة مراكش - آسفي.
هذا التغيير المفاجئ قد يكون صدمة لكودار الذي اعتاد على تموقعه في الهرم الحزبي للبام.
أما رشيد العبدي، الذي كان يأمل في الحصول على منصب داخل القيادة الثلاثية للأمانة العامة للحزب، أو رئاسة المجلس الوطني، وجد نفسه خارج دائرة القرار بشكل مفاجئ.
تركزت آماله وتطلعاته، على تحقيق هذه المناصب الرفيعة، لكنه وجد نفسه يتجول بين قاعة المؤتمر وساحة المركب الدولي مولاي رشيد، بلا أمل في تحقيق أهدافه.
وفيما يبدو، كانت القيادة الجديدة تسعى إلى إدخال تغيير حقيقي وجديد على الحزب، وهذا ما اتضح من خلال فتح باب الترشيح لمنصب الأمين العام، واقتراح قيادة جماعية بدلا من قيادة فردية.
هذا التحول قد يكون جزءا من إستراتيجية جديدة للحزب، "التجديد وجذب وجوه جديدة".
نفس الشيئ يقال عن يونس السكوري، الذي تردد اسمه كثيرا قبل واثناء المؤتمر، كأحد الشخصيات المؤهلة لقيادة البام. وإذا به يخرج خاسرا، دون تواجده أيضا بالمكتب السياسي للأصالة والمعاصرة.
فهو بصفته وزيرا، وحسب مصادر من داخل المؤتمر، كانت علامات القلق والغضب ظاهرة عليه وهو يرى المهدي بنسعيد زميله في الحكومة يتألق ويتموقع. إذ هو الذي كان يحلم أن يكون من بين قيادات اللجنة الثلاثية لكن حلمه تبخر.
ما هي إذا الأسباب الحقيقية وراء استبعاد وهبي و السكوري وكودار والعبدي؟
يبدو أن القيادة الجديدة، تسعى إلى الإبتعاد عن القيادات القديمة والبحث عن وجوه جديدة، والعودة إلى البام الأول بمنتوجه الخالص، "القيادة الجماعية" بين قياديين ترعرعوا وهم صغار تحت قيادة الجرار.
وربما تكون هذه الخطوة، جزءا من جهود تجديد الحزب، وتفادي الفساد أو القضايا القانونية التي رافقت بعض القيادات السابقة.
إنتهى المؤتمر وطويت صفحته، وعلى الخاسرين الآن أن يقرروا كيف سيتعاملون مع هذه الخسارة، هل سيستمرون في دعم الحزب والعمل من داخله كمناضلين، أم أنهم سيبحثون عن طرق لإستعادة مواقعهم السابقة؟
الزمن سيظهر الإجابة، ولكن اليقين أن الساحة السياسية دائما تتطلب التكيف والتغيير.
على كل، حزب البام قبل المؤتمر الخامس لن يكون هو نفس حزب البام بعد المؤتمر، ومن المنتظر أن يعرف تطورات مفاجئة في ظل القيادة الجديدة، مفاجآت تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات.