تتجه الحكومة الهولندية لإصلاح علاقاتها مع الرباط، من أجل أجرأت الملفات العالقة بين البلدين، بعد زيارة وزير العدل “فان دير بورغ” إلى المغرب، لمناقشة التعاون في مجال الهجرة ومكافحة الجريمة العابرة للحدود مع وزير الداخلية “عبد الوافي لفتيت”، خلال فبراير 2023.

وقد سبق تلك الزيارة، تأكيد المملكة الهولندية في ماي 2022، أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في سنة 2007؛ تعتبر مساهمة جادة وذات مصداقية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، من أجل إيجاد حل لقضية الصحراء المغربية.
ويأتي هذا الإنفراج، بعد فتور دبلوماسي بين المملكتين، بعد توتر العلاقات إزاء احتجاجات الحسيمة، والتي حاولت هولندا الاستثمار فيها لتقتات منها، قصد ابتزاز السلطات المغربية وتحريض المحتجين ضد الدولة، لتسييس المطالب الاجتماعية لسكان المدينة.
كما احتضنت هولندا أشخاصا معادين للمغرب، متورطين في جرائم خطيرة ويختبئون تحت مظلة النضال، للركوب على الاحتجاجات والتملص من المسؤولية الجنائية، وتهديد المصالح المغربية برعاية من السلطات الهولندية.
وفي خضم تلك الدسائس والترامي على المصالح المغربية؛ علق المغرب تعاونه بشأن ملف الهجرة واللجوء، وأبدى تحفظا تجاه التعاون مع هولندا التي أظهرت ازدواجية في المواقف، ونية مبيتة للإضرار بالمصالح المغربية.
وبعد أن سجل المغرب انتصارات دبلوماسية، واختراق لدول متقدمة وعظمى مثل “الولايات المتحدة” و”إسيانيا” “وألمانيا”؛ سارعت هولاندا لإصلاح ذات البين، بعد أن علمت أن مغرب الأمس ليس كمغرب اليوم.

ونتيجة لتلك التحركات، بدأت تتحسن العلاقات بين المغرب، حيث أبدت فيها هولندا دعمها للطرح المغربي بخصوص قضية “الصحراء المغربية” في 2022، تلته زيارة لوزير العدل إلى المغرب بشأن ملف الهجرة، ثم التوقيع في دجنبر الماضي 2023 على اتفاقية لتسليم المجرمين بعدما كان محل ابتزاز.
وعقب هذا التطور، فإن العلاقات التي ظلت متحفظة بين الجانبين، تسير بخطى ثابتة نحو التحسن، بعد مشاورات وتبادل للزيارات والمواقف الإيجابية بين البلدين، وأجرأت ذلك التحسن على أرض الواقع.
فعلى الشق الاقتصادي، وقّع الجانبان في يونيو الماضي، اتفاقية تقضي بإحداث صندوق استثماري بقيمة 300 مليون يورو، لتمويل مشاريع استثمارية في البنيات التحتية؛ بإشراف من رئيس الحكومة “عزيز أخنوش” ونظيره الهولندي “ومارك روت”.

كما تم التوقيع في أكتوبر الفارط، على مذكرة تفاهم بين المغرب وهولندا، تهم تكوين جيل جديد من الأساتذة والخريجين الجامعيين، وفق المعابير الدولية؛ أشرف عليها “عبد اللطيف ميراوي” وزير التعليم العالي، ووزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندية “ليسجي شرينيماخر”.
![]()
وفي هذا السياق، تمكنت هولندا من إعادة 250 طالب لجوء غير مرغوب فيهم إلى المغرب، كأعلى رقم خلال عقد وفقا لأرقام رسمية هولندية؛ فيما من المتوقع ترحيل 700 شخص في الأشهر المقبلة خلال 2024 وفقا لجريدة “تليغراف” الهولاندية.
ووفقا للمصدر ذاته، فإن وزير العدل الهولندي “فان دير بورغ”، أشاد بمستوى التعاون الثنائي بين المملكة المغربية والهولندية، واصفا إيها بكونها “مثالية” تقريبا.
ومن جهتها، سلمت السلطات المغربية هولنديا يبلغ من العمر 43 عاما، سبق إدانته من قبل القضاء الهولندي غيابيا بثلاث سنوات، في جريمة لإطلاق النار على رجلين في ملعب سنة 2015؛ مما يؤشر على نهاية الابتزار السياسي لتجار المخدرات ضد المغرب.
![]()
وشكل التعاون القضائي وملف الهجرة أحد الأسباب الجذرية لاضطراب العلاقات بين الجانبين؛ ما يعني أن الانكباب على معالجة هته الملفات، توجه لتعزير التعاون الثنائي نحو ما هو استراتيجي بين المملكتين.