سياسة تدبير الماء تبقى معطوبة ما لم تقترن بالمحاسبة حول فشل السياسيات السابقة
بلغة شديدة اللهجة، تتواصل خرجات وزير التجهيز والماء "نزار براكة" المكثفة في الآونة، قصد الإشعار والتحسيس، بخطورة العجز المائي، والذي أضحى معضلة حقيقية تواجه المغرب؛ مما أشعل نيران البرامج والمشاريع والتدخلات الاستعجالية وبعيدة المدى.
وفي هذا الصدد، توالت خرجات "نزار براكة" لتهيئة الأجواء، لمرحلة مقبلة صارمة تستدعي من الكل أن يتحلى بالمسؤولية، تجاه مخاطر نذرة المياه، والتي تهدد السيادة المائية، حيث انها تنعكس على جل القطاعات السيادية.
لكن ما يثير الإنتباه، هو كم الخطط والبرامج الاستعجالية لتدبير أزمة المياه، بينما الحال يستوجب اليقظة المسبقة قبل الوقوع في المخاطر، حيث أن الأزمة الحالية، تم التنبؤ بها قبل 20 عام، ووصفت الماء بالذهب الأزرق.
وفي ظل هاته الظروف، بادر المغرب إلى اتخاذ مشاريع ذات بعد إستراتيجي، في إطار اليقظة والاستباقية، غير أنها لم ترى النور، أو أنها بقيت قيد الانتظار تحت الحفظ، إلى زمن غير معلوم؛ بينما الأصل عوض التحسيس، وجب المساءلة بالموازاة مع التوعية.
فالمرحلة تستدعي الوضوح والشفافية والجدية بخصوص تشخيص مكامن الخلل، حول أسباب هذا التأخر، رغم ملايير الدراهم التي صرفت، للحيلولة دون الوقوع في إشكالية الماء الحالية، بعد التوجيهات الملكية في كثير من المحطات السامية، بما فيها "الاستراتيجية الوطنية للماء".
فكافة التدخلات لم تأتي بمبادرة من الجهات والقطاعات الوصية، إنما بتوجيهات ملكية من خلال خطاباته، أو عبر مجالس وزارية لإعطاء تعليماته، أو لتتبع التنفيذ أو تقييم الحصيلة؛ فلماذا الجهات المسؤولة، تفتقر لحس اليقظة بالمخاطر المستقبلية؟
فالمرحلة القادمة، تحتاج تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، بما فيها أزمة المياه والجفاف، والتدقيق في أسباب فشل السياسيات المائية، وغياب الحس بالمسؤولية تجاه المخاطر المستقبلية، والأسباب التي حالت دون تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للماء، والافتقار للمبادرة من قبل الجهات الوصية.
لذلك، يستوجب أن تقترن السياسية العمومية الاستعجالية وبعيدة المدى، بالمسائلة والمحاسبة، حتى تكون عبر أمام قطاعات أخرى ومخاطر محتملة، من شأنها تهديد سيادة المغرب مستقبلا، واستقلالية قراره.
فربط المسؤولية بالمحاسبة، من شأنه ردع المسؤول الحكومي، والإنهاء مع سياسة تدبير القطاع، عبر الحلول الآنية والترقعية، وتكليف المغرب خسائر ومشاكل ضخمة، تشل مؤشر التنمية، بينما ينتعش المسؤول بمعاشه، ما يفتح الطريق أمام عقليات مماثلة، ما لم تتم المحاسبة.