استمرار ظاهرة ريع استغلال مقالع الرمال في المغرب يكلف الخزينة مئات الملايين

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، عن استمرار تفشي ظاهرة ريع استغلال مقالع الرمال، ما يكلف خزينة خزينة الدولة مداخيل مالية مهمة، تناهز 166 مليون درهم سنويا.

وقد سجل مجلس العدوي، أنه بالرغم من الأشواط التي قطعها المغرب في هذا القطاع بعد صدور القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع؛ إلا أنه ظل لسنين يراكم مجموعة من الإشكاليات، المتعلقة بتعدد المتدخلين، وسوء الاستغلال، عبر مجموعة من الممارسات غير القانونية التي تفتقر للتنافسية.

واعتبر المجلس أن هذا قطاع، من بين القطاعات الوطنية الاقتصادية المهمة، نظرا لإمداده قطاعي "البناء" و"الأشغال العمومية" بمواد البناء، ويشغل حوالي %10 من السكان النشطين.

فضلا عن أن البناء والأشغال العمومية، يحققان قيمة مضافة تناهز 72 مليار درهم، أي ما يقارب %6 من الناتج الداخلي الإجمالي، بينما بلغ الإنتاج الوطني من مواد المقالع سنة 2020، حوالي 258 مليون طن.

وحسب التقرير، فإن المغرب يتوفر على 2.920 مقلعا يغطي مساحة تقدر بـ35.611 هكتارا، وتدر مداخيل قدرت بـ3.6 ملايير درهم خلال الفترة 2016-2021؛ بالإضافة إلى أنه يتم استغلال 1.682 مقلعا، حسب معطيات السجل الوطني لجرد المقالع لسنة 2020.

ويقدر الإنتاج السنوي حسب التقرير، حوالي 129 مليون متر مكعب، ويتكون الإنتاج بشكل أساسي من الحصى %35، والرمل %18، والتفنة %17، والطين %10، والرخام %1.

ومن بين الرهانات الرئيسية في تدبير استغلال المقالع، تتمثل في وضع نظام محكم لتتبع الكميات المستخرجة، قصد ضبط المداخيل الضريبية واحترام الشروط البيئية للاستغلال.

وقد سجل المجلس الأعلى للحسابات، أن نسبة مستغلي المقالع، الذين صرحوا بالكميات السنوية المستخرجة للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء، لا تتجاوز %43، خلال الفترة 2018-2021 الموالية لدخول القانون رقم 27.13 المنظم لاستغلال المقالع.

وهي نفس المؤاخدة المسجلة، حول تصريحات مستغلي المقالع لدى الجماعات، والتي تظل غير منتظمة وتفتقر للإثبات، حيث تبين أن %23 من الجماعات موضوع العينة، لا تتتوصل بتصريحات جميع مستغلي المقالع بترابها، وأن %54 من التصريحات الواردة، غير مرفقة بالمسوحات الطبوغرافية.

كما أضاف التقرير، أن %85 من هاته الجماعات، لا تتوفر على وسائل وأدوات التحقق من مصداقية تصريحات مستغلي المقالع؛ أما بالنسبة لتجهيز المقالع بميزان "قبان"، فإن %48 من هذه الجماعات، تؤكد عدم توفرها المقالع على تلك التجهيزات في نفوذها الترابي.

وقد سجل قضاة العدوي، أنه لا يتم اللجوء باستمرار إلى مقارنة الكميات المصرح بها للجماعات، وتلك المصرح بها للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء؛ في ظل غياب آليات رسمية لتبادل المعلومات حول الكميات المستخرجة بينهما؛ فيما لوحظ عدم استخدام التقنيات الحديثة للمسح الطبوغرافي، من أجل التحقق من الكميات المستخرجة.

وقد وقف المجلس في ذات السياق، على غياب فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة، الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت؛ وجود كميات مهمة غير مصرح بها.

وقد بلغ المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها نحو 9,5 ملايين متر مكعب، بين سنتي 2018 و2021، أي أربع سنوات بدون تصريح، ما يعادل %79 من كميات الرمال المستهلكة، وفقا للتقرير.

وقد أكد التقرير، أن هاته الممارسات، تفوت على خزينة الدولة سنويا حوالي 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم، والذي يبلغ 44 مليون درهم.

وأشار التقرير إلى أن الكميات غير المصرح بها، تتضمن نسبة من الرمال التي تبقى خارج نطاق تطبيق الرسم الخاص المفروض على الرمال، والذي لا يطبق إلا على رمال الكثبان الساحلية، ورمال الجرف، ورمال الوديان، ورمال التفتيت.

ولفت التقرير الإنتباه، إلى استمرار استغلال المقالع بشكل غير القانوني، ما يشكل منافسة غير عادلة، تؤثر سلبا على تنافسية المقالع المرخصة، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الهدف من الضبط القانوني، هو محاربة هذه الظاهرة.

وكشف التقرير أن عدد المقالع غير القانونية، حسب المعطيات المدلى بها من طرف المديريات الجهوية لوزارة التجهيز، و29 جماعة موضوع العينة المختارة؛ يقدر بـ194 مقلعا، توجد %61 منها، بكل من جهة الدار البيضاء سطات، وجهة الرباط سلا القنيطرة، وجهة بني ملال خنيفرة، بنسب %26 و%21 و%14 على التوالي.

وأبرز التقرير أن هناك عدة عوامل تساهم في استمرارية هذا النوع من المقالع، كعدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع لتنفيذ المشاريع، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة في بعض العينات.

كما أظهر التقرير، أن مستودعات تخزين مواد البناء، غير قانونية أو تفتقر للترخيص من طرف الجماعات، وتيسر عملية تسويق مواد البناء المستخرجة بطرق غير مشروعة، سيما الرمال، في غياب الضبط الكافي لمراقبة هذا القطاع.

وسجل التقرير أيضا، استمرار إشكالية المقالع المهجورة،خلال الفترة الممتدة من سنة 2015 إلى 2021، حيث بلغ عدد المقالع المغلقة والتي لم تتم إعادة تأهيلها؛ مجموعه 278 مقلعا من أصل 518 مقلعا مغلقا، أي ما يمثل.%54 من المقالع المغلقة مقابل %46 من المقالع المغلقة، والتي تمت إعادة تأهيلها أو في طور التأهيل.

وقد بلغ عدد المقالع المهجورة خلال سنة 2020، ما مجموعه 460 مقلعا، أي نحو %16 من إجمالي عدد المقالع المرخصة؛ حيث تصدرتا جهة "فاس-مكناس" و"بني ملال-خنيفرة"، قائمة المقالع المهجورة، بنسبة تجاوزت %44.