مجلس النواب يصادق على قانون تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية

صادق مجلس النواب على مشروع قانون رقم 10.23 يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، في جلسة عمومية عقدت زوال يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، والتي خصصت للتدارس والتصويت على مشاريع القوانين الجاهزة، بما فيها مشروع قانون يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، بعد تقرير أعدته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بخصوص، قبل الاتفاق على صيغة نهائية للمشروع وعرضها على نواب الأمة.

وبعد أن قطع القانون محطات تشريعية عدة،  بدء من المجلس الحكومي الذي صادق عليه بـ 30 مارس 2023، قبل أن يحال على البرلمان بـ 5 ماي 2023، من أجل عرضه على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والتي صوتت لأجله بـ 09 أكتوبر 2023؛ تم التصويت عليه بأغلبية نواب الأمة من أجل التعديلات التي تهم المراجعة الشاملة للقانون السابق والمتجاوز.

وتندرج هاته التعديلات، في إطار انخراط المغرب في أوراش إصلاحية كبرى، وتجسيدا لدولة الحق والقانون والمؤسسات والخيار الديمقراطي، وتكريس المكتسبات الإصلاحية التي تهدف إلى ترسيخ قيم حقوق الإنسان في إطارها الكوني.

ويهدف المشروع إلى أنسنة المؤسسات السجنية، والتجسيد الحقيقي لإرادة الدولة الرامية إلى الانخراط في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، والتي تستلزم تنظيما قانونيا ومؤسساتيا،  يكفل حقوق النزلاء من الساكنة السجنية.

ويستند المشروع إلى المعايير التي سطرتها التوجيهات الملكية في ثنايا افتتاح السنة القضائية لـ 2003؛ بتحقيق معادلة الربط بين إصلاح مؤسسة القضاء كمؤسسة دستورية، تحفظ سيادة القانون وإشاعة الأمن والثقة والديمقراطية، وبين صيانة حقوق الإنسان في صلب المشروع الديمقراطي الحداثي، بما فيهم الفئات الهشة والمستضعفة، والتي تشمل السجناء أيضا؛  إضافة إلى ما أكده  الملك في خطاب ثورة الملك والشعب بـ 2009، والتي تتطلب سياسة جنائية من شأنها ملائمة النصوص التشريعية الوطنية مع المرجعية الدولية لحقوق الإنسان؛ بالإضافة إلى إحداث مرصد وطني للإجرام.

ويعتبر دستور 2011 محطة مفصلية في مأسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان دون استثناء، بما فيها مأسسة الظروف الإنسانية للاعتقال، بشكل يراعي الاستفادة من برامج التكوين والإدماج؛ بالإضافة إلى سمو الاتفاقيات الدولية فور نشرها، وملاءمة التشريعات الوطنية مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، فإن المشروع يستحضر في جوهره إكمال مسار انخراط المغرب في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، والتي تستوجب اخضاع المؤسسات السجنية ومراكز الاعتقال إلى المعايير المثلى والنموذجية المعتمدة دوليا في هذا الإطار، بما فيها قواعد معاملة السجناء لـ 1957 ومدونة سلوك الموظفين لـ 1978 والمبادئ السجنية لسلوك الأطباء وموظفي الصحة لـ 1982، ناهيك عن مبادئ "نيلسون منديلا" لـ 2015.

ويأتي مشروع المراجعة لقانون السجون كتتمة لمسار إصلاح المنظومة القانونية والقضائية بالمغرب، نظرا لملامسة المنظومة القانونية السجنية لمنظومة حقوق الإنسان ومنظومة القانون الجنائي، بالإضافة إلى تدخل هيئات أخرى عامة وخاصة في مشروع التأهيل والتكوين وتقويم السلوك السجين والإدماج، والتي من شأنها حماية حقوق وضعية السجناء، وترشيد السياسة العقابية.

ويتضمن مشروع المراجعة الشامل لتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، مجموعة من التعديلات التي همت مكتسبات لصالح الساكنة السجنية، مقابل الانضباط تحت طائلة التدابير التأديبية؛ ومن جملة الأهداف التي تضمنها المشروع:

  • ضمان سلامة وأمن الساكنة سجنية؛
  • جودة وعصرنة المباني والمنشآت السجنية؛
  • النهوض بالأوضاع السجنية للنزلاء؛
  • تقويم سلوك النزلاء وتأهيلهم وإدماجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية؛
  • مراعاة خصوصية وحقوق الأحداث والنساء والفئات الهشة والمستضعفة؛
  • حماية حقوق الساكنة السجنية وصيانة كرامتهم؛
  • ضمان حق السجين في التواصل مع محاميه وتمكينه من الحق في الزيارة وتبادل الرسائل؛
  • ضمان الحق في التطيب والترفيه وتسهيل متابعة الدراسة والتكوين؛
  • الترخيص بالخروج الاستثنائي.

ومن المنتظر أن يوفر هذا القانون حلولا لمكامن قصور القانون المتجاوز الذي خيم لأكثر من 23 سنة، في معالجة استفحال ظاهرة الجريمة وتطورها من حيث النوع والكم؛ والتي تحتاج إلى مقاربة اقتصادية واجتماعية وسيكولوجي، عبر عصرنة الدور العقابي وترشيده، بما يتلاءم مع مبادئ تقويم سلوك المجرم وتحفيز قيم المواطنة فيه،الأمر الذي يقتضي مؤسسة سجنية حديثة تروم بناء الإنسان وإدماجه بعد تأهيله وتمكينه وجعله أكثر إنتاج، يما يمكنها أن تفرز للأمة مواطن صالح قادر على الاندماج والمساهم في مسلسل التنمية والتطور وبناء الأمة.