على ضوء الجدل الذي أثاره: هل يسقط "شراء أيام السجن" قانون العقوبات البديلة بالبرلمان؟

ينتظر أن تصادق لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب اليوم الأربعاء، على مشروع قانون العقوبات البديلة الذي ينص على تدابير المراقبة بالسوار الإلكتروني، والعمل من أجل المنفعة العامة وتدابير أخرى بديلة عن العقوبات الحبسية.

ويأتي مشروع القانون هذا، وفق بلاغ رسمي، في سياق ما ينبغي مواكبته من تطورات في مجال حماية حقوق الإنسان وإيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة والحد من الآثار السلبية لهذه الأخيرة، إلى جانب المساهمة في تأهيل المدانين وتيسير إندماجهم داخل المجتمع، وكذا الحد من مشكل الاكتظاظ داخل السجون.

وأكد رشيد الحموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أن حزبه متفق بنسبة 98% على مشروع قانون العقوبات البديلة وهو مستعد للتصويت بالإيجاب على بنوده شرط حذف تعديل “شراء أيام السجن”، معتبرا أن هذا التعديل "لا أخلاقي" .

وشدد الحموني في حديثه لـ"بلبريس" على أن التعديل يخص الفصل 3-35 المتعلق بالتهم التي لا تشملها العقوبات البديلة في  الجنايات المتعلقة بالجرائم وذلك بإضافة العنف والضرب والجرح والاعتداء على الأطفال والطفلات؛ الاتجار في البشر؛ العنف ضد النساء، إلى جانب الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب؛ الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية؛ غسل الأموال؛ الجرائم العسكرية؛ الاتجار الدولي في المخدرات؛ الاتجار في المؤثرات العقلية؛ الاتجار في الأعضاء البشرية؛ الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

ومن جانبه أبدى إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، في حديثه لـ "بلبريس" موافقة حزبه عن  هذا المشروع، مشيرا إلى أن الحزب تقدم بالعديد من المبادرات الرقابية حول العقوبات البديلة قبل إحالة مشروع القانون على البرلمان، موضحا أنهم كفريق كانوا مع فصل العقوبات البديلة عن القانون الجنائي، ليكون قانونا قائما بذاته.

وأضاف السنتيسي: "الحكومة تقدمت بهذا المشروع الذي ناقشناه، وتقدمنا في شأنه بعدد مهم من التعديلات، لذا يمكن القول بأننا من حيث المبدأ مع هذا المشروع، ونتمنى حسن التفاعل مع تعديلاتنا عليه، أملا في أن تكون العقوبات البديلة أحد الحلول للحد من ظاهرة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية".

وعن التعديلات التي قدمها الفريق للجنة العدل والتشريع، أبرز السنتيسي، أن فريق حزبه قدم العديد من التعديلات الغاية منها مراعاة وضعية الأحداث والأشخاص المسنين للاستفادة بالأولوية من العقوبات البديلة نظرا لسنهم، وأيضا مراعاة نفس الأسبقية للأشخاص الذين حصلوا على شهادات جامعية أو مهنية كتحفيز وتشجيع لهم.

كما اقترح الفريق الرفع من ساعات العمل لأجل المنفعة، من ساعتين في اليوم إلى أربع ساعات، وذلك من أجل تقويم سلوك المحكوم عليه بغية إعادة إدماجه في القطاعات التي سيقضي بها هذه العقوبة البديلة،  حيث راعى الفريق تمكين المحكوم عليه من كافة الحقوق التي تخولها المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية أمن وسلامة وصحة العاملين، بما في ذلك طب الشغل والتأمين عن حوادث الشغل وغيرها.

وبالنسبة للموافقة على المشروع من عدمها؛ قال السنتيسي " سنتعامل معه بشكل برغماتي وفق قناعاتنا وتوجهاتنا والأثر المرتقب من هذا المشروع بعد التطبيق. كما أن موقفنا رهين أيضا بمدى تفاعل الحكومة مع تعديلاتنا التي وضعناها بعد دراسة عميقة، ووفق مقاربة تشاركية أيضا.

وأردف قائلا "نحن بالطبع نستحضر فلسفة المشروع والهدف منه، والمتمثل أساسا في التخفيف من نسبة الاكتظاظ الذي يشكل فيه المعتقلون الاحتياطيون قرابة 43% من ضمن قرابة 100 ألف معتقل، ولكننا في نفس الوقت نروم في تعديلاتنا مراعاة بعض الأسبقيات والأولويات وأيضا الضمانات المرتبطة بقضاء العقوبات البديلة، على أننا نطمح بأن تكون الحلقات الإصلاحية الأخرى في المنظومة التشريعية الجنائية والمدنية الموعود بها، أكثر استجابة للإشكاليات المطروحة، وعلى رأسها الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية".

وأكد رئيس الفريق الحركي، أن تعديلات حزبه على مشروع قانون المؤسسات السجنية، والذي سيتم المصادقة عليه في نفس اليوم، تتقاطع مع نفس توجهنا في الحركة الشعبية، من خلال أنسنة السجون وجعلها معاقل ومراكز للتهذيب والتربية، تفاديا لحالات العود وإغراق السجون بالمعتقلين.

وختم السنتيسي كلامه قائلا: "بالطبع فنحن في الحركة الشعبية ندافع بالموازاة مع هذين المشروعين على سياسات عمومية تضع حدا للإجرام بصفة عامة، عن طريق تعميم التعليم والصحة وتأهيل القرية والحد من الهجرة القروية، ومحاربة العنف وتفشي المخدرات، وإصلاح الأسرة ومراعاة المصلحة الفضلى للطفل وغيرها".

إلى ذلك اقترحت  أحزاب الأغلبية تعديلا يقضي بإدراج «شراء أيام السجن» ضمن خيارات العقوبات البديلة في مشروع قانون العقوبات البديلة.

وجاء في التعديل أنه يرمي إلى  «إضافة عقوبة الغرامة اليومية» إلى العقوبات البديلة، تماشياً مع توجهات السياسات الجنائية لبعض الدول التي تعتمد هذا الصنف من العقوبات في أنظمتها الجنائية.

وأوضح  الحموني، أن الصيغة الأولى لمشروع قانون العقوبات البديلة نصت على أن هذا الإجراء يتعلق بالأشخاص المحكوم عليهم بمدد تقل عن سنتين حبسا، والذين سيتم منحهم خيارا آخر غير السجن، وهو الغرامة المالية كعقوبة بديلة مقابل إطلاق سراحهم. بحيث ستتراوح هذه الغرامة المالية ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية، وذلك اعتمادا على مجموعة من المعطيات المتعلقة بالمحكوم عليه، مثل إمكانياته المادية وخطورة الجريمة التي ارتكبها.

ويشترط مشروع القانون أداء المبلغ الذي حكمت به المحكمة في أجل لا يتجاوز 6 أشهر من تاريخ صدور المقرر التنفيذي، ويمكن التمديد لسنة إضافية.

وفيما يخص الأحداث أقل من 15 سنة، فيمكن بدورهم الاستفادة من هذه العقوبات المالية البديلة شريطة موافقة ذويهم أو من ينوب عليهم.

وسيعوض مشروع العقوبات البديلة العقوبات السالبة للحرية في الجرائم التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين سجنا، وتخوّل للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته، وفق شروط تراعي من جهة بساطة الجريمة، ومن جهة ثانية اشتراط موافقته.