بلقاضي يكتب..تنظيم الانتخابات في تاريخها بدل تأجيلها تأكيد على قوة المغرب في مواجهة كورونا

كثر الجدل مؤخرا حول ضرورة تأجيل الانتخابات المقبلة بسبب تطور الوضع الوبائي بالمغرب،ولم يقدم المدافعون عن هذا التأجيل أسبابا مقنعة وموضوعية اللهم سبب جائحة كورونا،هذه الجائحة التي يعلم الله وحده متى تختفي الى الابد. في وقت نظمت فيه عددمنالدول الغربية والعربية انتخابات في عز جائحة كورونا .

وعليه، فتنظيم الانتخابات في موعدها المحدد لها هو تأكيد لقوة المغرب في مواجهة كورونا ، وليس العكس، خصوصا وان مسالة تأجيل الانتخابات ليست قرارا حكوميا يرتبط بأزمة عابرة بل انهامؤطرة دستوريا  .

حالات تأجيل الانتخابات محددة دستوريا في الفصل 59

دستوريا، الولاية التشريعية الحالية ستنتهي الجمعة الثانية من شهر أكتوبر المقبل2021 حيث سيفتتح الملك البرلمان بمجلسيه.

وعليه ، وحسب نظري فقضية تأجيل الانتخابات وربطها بجائحة كورونا  مجرد تخمينات ، لان الدستور المغربي حدد الحالات التي يمكن فيها تأجيل الانتخابات، شرط وقوع احداث طارئة ما تحول دون إجراء الانتخابات في آجالها المحددة ،وهي شرطين لا ثالث لهما:

1-إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة. ويُخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستوري وهو مضمون الفصل 59

2- تأويل الفصل 42 الذي يعتبر الملك ضامن دوام الدولة واستمرارها والساهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، وبالتالي يمكنه اتخاذ قرارات لضمان السير العادي للحكومة والبرلمان واستمرار الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، بما فيها -القرارات- تأجيل الانتخابات بظهير ملكي شريف مع تمديد عمر الولاية الحكومية والتشريعية الحالية إلى فترة يراها مناسبة، على أن لا تقل عن سنة – وليس التأجيل إلى مارس القادم كما يتردد- لأن الدستور ينص على افتتاح السنة التشريعية في الجمعة الثانية من أكتوبر وليس في اي تاريخ كان. وعليه فتأجيل الانتخاباتمؤطر دستوريا وهو قرار سيادي ومحفظ للملك وليس للحكومة.

وعليه فالمغرب الذي اصبح نموذجا في مواجهة جائحة كورونا لا يمكنه تأجيل تاريخ الانتخابات ،لان شروط تأجيلها غير متوفرة ، بل انه سينظمها ليظهر اكثر انه دولة قوية مواجهة التحديات .

تنظيم المغرب الانتخابات في مواعدها المحددة تأكيد على قوته وربح سياسي كبير

يقول المثل الصيني قوة الدول تبرز في زمن الازمات،وعليه فتنظيم الانتخابات في8 شتنبرهو تأكيد على الاستثناء في مواجهة كورنا،بعد ان نجح المغرب بفضل الرؤيا الاستباقية والاستشرافية لجلالة الملك ان يتميز إقليميا في مواجهة جائحة كورونا والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية

وعليه ، وعكس ما يشاع حول تأجيلها، فتنظيم الانتخابات في مواعدها المحددة هو انتصار سياسي للمغرب رغم الظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد تزامنًا مع الجائحة، وهو ما اكد عليه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية بعد تأكيده أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستجري في موعدها المحدد،  في التصريح الصحافي الذي تلا  بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات المهنية، أول أمس السبت، حيث أشار إلى أن الجائحة لم تمنع من تنظيم انتخابات الغرف المهنية في ظروف وصفها بالمثالية، وبان المغرب يستعد  لإجراء باقي الانتخابات في مواعيدها القانونية والدستورية.

وفي نظري ستنظم الانتخابات في آجالها المحددة للأسباب التالية:

أولا -صحيح،هناك تخوف من تدهور الحالة الوبائية في البلاد، في ظل صعوبة فرض الالتزام بالإجراءات الاحترازية خلال الحملات الانتخابية والتجمعات الجماهيرية التي تنظمها الأحزاب السياسية لتقديم برامجها للمواطنين، وهناك بدائل تقنية لتنظيم هذه الحملات الانتخابية ، إضافة لا احد يعلم متى ستزول هذه الجائحة واذا ما استمرت اذا قدر الله فهل سيبقى المغرب بدون مؤسسات دستورية والى متى؟؟

ثانيا -اثبت المغرب بانه مغرب التحديات ونجح في الحد من تأثيرات وتداعيات جائحة كورونا وسيستمر في مواجهتا بتنظيم الانتخابات في أجالها  المحددةليؤكد من جديد انه دولة قوية  تعرف كيف تدبر المحن والأزمات.

ثالثا- لا احد يعلم متى سيزول هذا الوباء ، واذا ما تم تأجيل الانتخابات الى شهر مارس من يضمن ان كورونا ستذهب في شهر مارس ، واذا ما تضاعفت مخاطرها في شهر مارس ما البديل؟

رابعا – الدستور واضح يفتتح الملك الدورة التشريعية في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، ويوجه خطابا امام البرلمان بمجلسيه- الفصل 68 - وبالتالي سيصعب تنظيم الانتخابات شهر مارس كما يتردد.

خامسا – هناك دول عديدة نظمت الانتخابات في عز ازمة جائحة كورونا وتوفقت ، والمغرب الذي كان نموذجا في تدبير الجائحة سينظم  الانتخابات في آجالها ليؤكد اكثر بانه دولة قوية .

سادسا -هناك كلفة سياسية باهظة في حالة تأجيل الانتخابات في وقت يمر فيه المغرب من ازمة خانقة اجتماعيا واقتصاديا وبحاجة لحكومة جديدة قوية لبناء مغرب ما بعد كورونا.خصوصا اذا ما استمرت الحكومة الحالية التي تعيش حروبا شرسة ومن الصعب ان تجتمع  مكوناتها من جديد .

سابعا – بقاء الحكومة الحالية التي يقودها سعد الدين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذات الخلفية الإسلامية سيكون مكلفا للمغرب سياسيا وإقليميا ودوليا.

ثامنا -غياب الشروط الموضوعية والذاتية التي نص عليها الفصل 59 من الدستور لتأجيل الانتخابات ما دام المجالس الحكومية تعقد والبرلمان يشتغل بشكل عادي.

 

وعليه ، نقول اظهر المغرب عن حنكة  كبيرة ودراية قوية في مواجهة جائحة “كورونا” ، وكل الخطوات الإستباقية التي اتخذتها المغرب بقيادة جلالة الملك كان هدفها حماية الإنسان قبل حماية المال والاعمال والاقتصاد.

لذلك اصبح المغربنموذجا فيمواجهة كورونا بفضل تظافر جهود الملك والحكومة والشعب ،وهو ما اعترفت به التقارير الدولية وكبار الباحثين والمنظمات والمؤسسات الصحية الإقليمية الدولية.

اشراف وقيادة جلالة الملك شخصياعلى كلالإستراتيجيات الوطنية لمواجهة هذه الجائحة،جعلت العالم  ينظر إليه بإعجاب وتقدير كرئيس دولةشجاع امتلك منذ بداية الأزمة رؤية استباقية وشجاعة سياسية كبيرة وإرادة قوية مكنته من اتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة حصنت بلده، ومكنته من مواجهة هذا الوباء بثقة في النفس وبخطوات جعلته يتحول إلى نموذج ناجح يؤسس لتجربة مميزة في مواجهة الأزمات.

ومما لا جدال فيه أن المغرب اليوم يستعد بشكل حازم و بقوة تنظيم الانتخابات في آجالها المحددة لانتخاب مؤسسات حكومية وبرلمانية مؤهلة لبناء مغرب ما بعد كورونا ؛لكن ليس بالحكومة الحالية التي يقودها الحزب الإسلامي ليؤكد المغرب من جديد للعالم انه دولة قوية تتقوى مع الازمات وما تنظيم الانتخابات في آجالها المحددة الا دليلا على ذلك اسوة بالدول الكبرى الولايات المتحدة وفرنسا التي نظمت انتخاباتها في عز جائحة كورونا .

د.ميلود بلقاضي- رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية