التراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن الصغرى يثير الجدل

أثار التراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن التي يقل عدد ساكنتها عن 50 ألف نسمة موجة جدل كبيرة، منذ الاعلان عنه عقب المجلس الوزاري، حيث وصفه الكثيرون بأنه إضعاف للأحزاب وانتكاسة جديدة، بالرغم من وصفه  على أنه “تطوير قواعد النظام الانتخابي، وتقوية الضمانات الانتخابية”.

وفي نفس السياق، وصف نجيب البقالي، النائب عن حزب العدالة والتنمية والدكتور في القانون، مشروع قانون تنظيمي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية المصادق عليه أمس في المجلس الوزاري، بأنه “إعدام اللائحة في المدن المتوسطة”، وأنه “عودة لنظام ما قبل 2002”.

واعتبر البقالي أن هذا التوجه الجديد للدولة في القوانين الانتخابية يعد “إعداما لمزيد من التسيس والتصويت على مفهوم البرنامج الحزبي، وتسهيل بناء الاغلبيات والقطع مع ممارسات بائدة وتسهيل مأمورية افساد العملية الانتخابية والعودة لمرشح – السخرة عوض مرشح الرؤية والبرنامج والسياسي”.

وتأسف البقالي على هذا التوجه الجديد في القوانين الانتخابية، واعتبر أنه يرسخ لمزيد من اضعاف النخب التمثيلية وعودة عدد من “تجار” السياسة للواجهة وأصحاب “البلغة”، في غياب نقاش سياسي حقيقي وبدون أفق سياسي.

وقالت آمنة ماء العينين النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية إن الزمن المخصص لمناقشة القوانين الانتخابية ضيق ويجب على البرلمان تدبيره بطريقة مسؤولة.

واستدركت ماء العينين في تدوينة لها أن الواقع يقول إن نقاش القوانين الانتخابية بالشروط الحالية، لا يحمل رهانات كبيرة، ماعدا مقاربة النتائج وحساب المقاعد.

واعتبرت أن نقاش القوانين دون نقاش سياسي مؤطر للانتخابات المقبلة، سيظل نقاشا إجرائيا محكوما بهاجس ما ستفرزه الخريطة من توازنات، مضيفة “لن تكون الانتخابات المقبلة انتخابات تأسيسية لمرحلة جديدة، ما لم يتم إطلاق النقاش السياسي المأمول”.

ونبهت إلى كوننا إزاء الفراغ من حيث العروض السياسية والأطروحات التي ستتنافس في الانتخابات، وكل هذا الانحسار والصمت السياسي الرهيب لا يمكن أن يعوضه نقاش القوانين الانتخابية في سياق مبتور.

وأكدت البرلمانية على ضرورة إطلاق مبادرات جديدة تفتح أفقا جديدا للمغاربة، لكن الواضح، حسبها، أن الأحزاب السياسية اختارت الانسحاب من هذا الدور وهو أمر مؤسف.

وزادت في ذات التدوينة “ننتظر الإعلان عن النموذج التنموي الجديد، وإن كنا في البداية عبرنا عن قلقنا بخصوص هوية لجنة بنموسى دستوريا وسياسيا، وتساءلنا عن موقعها المؤسساتي وما سنفعله بمخرحات عملها، إلا أننا اليوم صرنا نأمل أن يطلق النموذج التنموي الجديد دينامية جديدة، تكسر هذا الصمت الذي اختارته الأحزاب السياسية ومعظم نخبها”.

ولفتت إلى أنه كلما تخلت الأحزاب عن أدوارها والمساحات التي منحت لها دستوريا إلا وتم اطلاق مبادرات لملء الفراغ، لتعود الأحزاب لخطاب الشكوى.

واعتبرت النائبة البرلمانية أن الأحزاب كانت مستهدفة بقسوة من طرف النظام السياسي في فترة سابقة وكانت تقاوم، أما اليوم، فقد صارت الأحزاب تستهدف نفسها بنفسها، فلا برامج ولا مبادرات ولا عروض سياسية ولا نخب تملأ الفراغ.

وأضافت “ننتظر انفتاحا سياسيا بمؤشرات إيجابية تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية ومنهم شباب الريف، وكذلك الصحفيين والحقوقيين.”

وخلصت ماء العينين للتأكيد أن على الأحزاب أن تراجع مقاربة تدبيرها للانتخابات، وأن تتوقف عن ممارسة القيادة بالصمت والانسحاب والاتكال، وأن تسهم بإيجابية وبروح الإبداع والمبادرة في خلق أفق جديد يحتاجه الوطن لمواجهة التحديات الخارجية، والرهانات الداخلية ما بعد كورونا بكل أبعادها.