يخلد الشعب المغربي اليوم الثلاثاء 14 غشت الذكرى 39 لإسترجاع إقليم وادي الذهب، هذا الحدث الذي شكل نقطة رئيسية وهامة في تاريخ نزاع الصحراء، حيث كاد الإقليم أن يصبح تحت سيادة جبهة البوليساريو لولا التدخل السريع للملك الحسن الثاني، لتنطلق فصول صراع سياسي جديد حول المنطقة لم يمنع من جهة وادي الذهب الكويرة ان تعرف تنمية حقيقية.
وتجسد هذه الذكرى روح الاستمرارية في التعاطي بحكمة مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، التي يشكل فيها يوم 14 غشت من سنة 1979 تجليا قويا لمتانة وعمق الروابط التاريخية القائمة بين شمال المغرب وجنوبه، في تماسك أبدي طبع تعامل المغاربة قاطبة مع محيطهم الطبيعي والجغرافي بكل مكونات بنياته الثقافية والاجتماعية والسياسية.
ويعد الاحتفاء بهذا الحدث التاريخي الوازن والمتميز فرصة لتأكيد إجماع الشعب المغربي على التعبئة المستمرة بقيادة الملك محمد السادس في سبيل صيانة الوحدة الترابية في ظل السيادة الوطنية وتثبيت المكاسب الوطنية ومواصلة الأوراش الاقتصادية والاجتماعية بموازاة مع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية المفتوحة عبر التراب الوطني، حيث تتوفر منطقة واذي الذهب اليوم على بنية تحتية مكنتها من المساهمة في الاقتصاد الوطني وتوفير العيش الكريم للساكنة المحلية.
وتشكل ذكرى 14 غشت فصلا من فصول الملحمة النضالية والوحدوية للمملكة المغربية بعد عقود من احتلال الاقاليم الجنوبية التي استرجعت من الاحتلال الإسباني على فترات بدأت بمدينة طرفاية سنة 1958 مرورا بتحرير مدينة سيدي إيفني سنة 1969، فأقاليم العيون وبوجدور والسمارة (الساقية الحمراء) سنة 1975، وإقليم واذي الذهب الكويرة سنة 1979.
وشكل تجديد بيعة أبناء إقليم وادي الذهب للملك الراحل الحسن الثاني في القصر الملكي بالرباط يوم 14 غشت 1979، من خلال وفد يتقدمه العلماء والأعيان وممثلو وشيوخ مختلف القبائل الصحراوية، تجسيدا حيا لإرادة أبناء هذه الربوع من المملكة في التشبث بالوحدة، واصلين الماضي بالحاضر، وفاء لقيم البيعة لملوك المغرب، وللشرعية التاريخية والقانونية والرباط الاجتماعي الوثيق بين ساكنة الإقليم والعرش العلوي.
ورغم تواصل الهجمات والمكائد من طرف أعداء الوحدة الترابية للمغرب ممثلة في جبهة البوليساريو والمؤيدين لها عبر إستغلال مناسبات وتظاهرات دولية لمهاجمة المغرب ونشر الفكر الإنفصالي، تشهد جهة الداخلة وادي الذهب نهضة تنموية كبرى، بفضل توجيهات الملك محمد السادس لكل الفاعلين المعنيين، من سلطات عمومية ومجالس منتخبة وقطاع خاص بضروة تظافر الجهود قصد إيلاء عناية خاصة لتحسين الواقع المعيشي لسكان الجهة.
وخولت المبادرات الملكية إنجاز بنيات تحتية مهمة وبرامج تنموية رائدة، انسجاما مع الرؤية الملكية الطموحة الرامية لجعل هذه الجهة من المملكة قطبا تنافسيا بارزا على الصعيدين الوطني والدولي، وحلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء بفضل نموذج تنموي جديد يرتكز على ثمانية برامج تهم تقوية محركات التنمية، ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات في النسيج الاقتصادي.