موسم النزوح إلى بلو سكاي .. الطائر الأزرق يتحول إلى فراشة

 

بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض،  المدعوم من رجل الاعمال الشهير، إيلون ماسك الذي شن حربا شخصية ومعلنة ضد وسائل الإعلام التقليدية، عبر منصة X (تويتر سابقًا) صعدت أسهم منصة بلو سكاي .

فالتغيير الجديد الذي كان يخطط له ماسك يتجاوز مجرد التعديلات التقنية، ليمثل استمرارًا لصراع معلن ضد المؤسسات الإعلامية.

تكمن خطورة التعديل الجديد بحسب خبراء أمريكيين في تجريد المقالات الإخبارية من سياقها، حيث ستظهر فقط الصورة الرئيسية للقصة دون النص أو العنوان.

وبررها ماسك بأنها ستحسن "الجمالية"، لكن المراقبين يرون فيها محاولة واضحة للتشويش على المحتوى الإخباري. وهذا أمر يذكرنا بما قام به مؤسس فيسبوك مارك زوكربغ في مطلع العام 2017، وقد كتبت مقالا حول الامر بعنوان ’’قراءة في تعديلات فيسبوك الأخيرة .. مارك مديرا للنشر ’’.

هذه الخطوة التي قام بها  المدير التنفيذي لمنصة إكس ، ليست منعزلة، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من المواجهات. فماسك لطالما اعتبر وسائل الإعلام التقليدية مؤسسات متحيزة ومضللة. وقد تجلى ذلك في تصريحاته المتكررة التي وصف فيها الصحف الكبرى بـ "النفاق" و"الدعاية".

من رويترز إلى نيويورك تايمز، ومن NPR إلى غيرها، لم يسلم أي مصدر إعلامي من انتقادات ماسك، بل إنه لم يتردد في اتخاذ إجراءات عقابية مثل إزالة علامات التحقق أو تغيير تصنيفات المؤسسات الإخبارية.

هذه الحرب دفعت مؤخرا مؤسسة الغارديان البريطانية التي تملك عشرات الحسابات على المنصة إلى الانسحاب من إكس والتوجه نحو بلو سكاي التي أنشأها مؤسس تويتر جاك دورسي.

يعتبر بعض المنتقدين لماسك أن الدافع وراء هذه الخطوات يتجاوز مجرد الرغبة في تحسين المنصة، فهو يمثل محاولة منهجية للتشكيك في المؤسسات الإعلامية وتقويض مصداقيتها. والهدف يبدو واضحًا: خلق فضاء إعلامي بديل يخضع لسيطرته الكاملة.

المفارقة الكبرى تكمن في أن ماسك، الذي يصف نفسه بـ "مطلق حرية التعبير"، يمارس في الواقع نوعا من الرقابة والتضييق على المحتوى الإعلامي.

فتجريد المقالات من سياقها يعني حرمان المستخدمين من فهم الحقائق الكاملة.

وبينما يدّعي ماسك أن هذه التغييرات تهدف لتحسين تجربة المستخدم، يرى مراقبون أنها استمرار لحملته الممنهجة ضد الصحافة المهنية. فالهدف يبدو أكبر من مجرد تعديل تقني - إنه محاولة لإعادة تشكيل المشهد الإعلامي برؤية ماسك الخاصة.

وسائل الإعلام الرقمية والنشر في المنصة

بالنسبة لأي شخص ينشر روابط على أصبح من الواضح جدا أنه منذ تولي إيلون ماسك المسؤولية، لم تعد المنشورات التي تحتوي على روابط تحظى بنفس الانتشار الذي كانت تحظى به في السابق.

على تويتر القديم، كانت التغريدة التي تحتوي على رابط لمقال إخباري تنتشر على نطاق واسع أو تحصل على قدر كبير من التفاعل. الآن، مع خوارزمية "For You" الجديدة التي تعطي الأولوية للصور ومقاطع الفيديو، تمر المنشورات التي تحتوي على روابط دون أن يلاحظها أحد تقريبا.

ماسك كان قد برر هذا الأمر في رده قبل أيام على تغريدة لمؤسس Y Combinator بول جراهام أن الحل للانتشار هو وضع الرابط في الرد وليس ضمن التغريدة.

الهجرة نحو بلو سكاي.. الفراشة الزرقاء

في خضم التغيرات المتلاحقة التي يشهدها عالم وسائل التواصل الاجتماعي، برزت منصة بلو سكاي . كوجهة جديدة للمستخدمين الباحثين عن بيئة تواصل أكثر أمانا وحرية.

بعد الانتخابات الأخيرة، شهدت المنصة انفجارا غير مسبوق في أعداد المستخدمين، حيث سجلت أكثر من 2.5 مليون مستخدم جديد في أسبوع واحد فقط. ووصل عدد مستخدميها إلى 20.7 مليون مستخدم، خلال هذا الاسبوع بمعدل 8 مستخدمين جدد كل ثانية.

تأسست Bluesky في البداية كمشروع داخلي في تويتر عام 2019 بقيادة جاك دورسي، بهدف "إلغاء مركزية" المنصات الاجتماعية.

وهي تشبه X في آلية عملها، حيث يمكن للمستخدمين نشر رسائل قصيرة تصل إلى 300 حرف مع الصور ومقاطع الفيديو.

الفرق الجوهري يكمن في فلسفة المنصة. فـ بلو سكاي تقدم نفسها كمنصة مفتوحة تمنح المستخدمين حرية الاختيار والمبدعين استقلالية أكبر.

جاءت موجة الهجرة هذه بعد سلسلة من التغييرات الجذرية التي أجراها إيلون ماسك على X، والتي شملت تحييد ميزة الحظر وجعل التحقق اشتراكًا مدفوعًا، وما وصفه المستخدمون بالبيئة السامة التي باتت تسيطر على المنصة.

يوم الانتخابات كان نقطة تحول، حيث شهد X أكثر من 115,000 عملية إلغاء تنشيط للحسابات.

في المقابل، رحبت بلوسكاي بموجة من المستخدمين الجدد، بمن فيهم شخصيات بارزة مثل المشاهير وبعض وسائل الإعلام.

على الرغم من أن المنصة لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أنها تبدو واعدة. فقد أكد مستخدمون أنهم يتلقون مشاركة أعلى وأكثر جودة مقارنة بالمنصات الأخرى.

اليوم، تدار بلو سكاي . من قبل الرئيس التنفيذي جاي جرابر، وبمجلس إدارة يضم شخصيات بارزة في عالم التكنولوجيا.

وتبدو المنصة مستعدة لتكون البديل الذي ينشده الكثيرون في عالم التواصل الاجتماعي.

 

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.