نزار بركة تحت الضغط: خلاف داخل حزب الاستقلال حول لجنة تقصي الحقائق لاستيراد القطيع

يواجه نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، ضغوطاً متزايدة من داخل صفوف حزبه، وتحديداً من عدد من القيادات البارزة في الصف الأول، بشأن ملف استيراد القطيع من الخارج. فبينما تعالت الأصوات داخل الحزب الداعية إلى المشاركة في التوقيع على مقترح تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، يرفض بركة حتى الآن الاستجابة لتلك الدعوات، مفضلاً الانسجام مع موقف الأغلبية الحكومية التي ينتمي إليها.

أرقام متضاربة تثير الجدل

الملف المثير للجدل يتعلق بتكاليف استيراد القطيع خلال الأشهر الماضية، والتي تباينت بشأنها المعطيات بشكل ملحوظ. ففي الوقت الذي تم فيه الحديث عن كلفة وصلت إلى 1330 مليار سنتيم، تشير معطيات أخرى إلى رقم لا يتجاوز 437 مليون درهم، ما فتح المجال أمام الكثير من التساؤلات، ودفع نواباً من المعارضة إلى المطالبة بكشف الحقيقة أمام الرأي العام. هذا التباين الصارخ في الأرقام زاد من حجم الضغوط على حزب الاستقلال، باعتباره جزءاً من الحكومة ووزارة التجهيز والماء التي يرأسها بركة معنية بشكل غير مباشر بالموضوع، خصوصاً فيما يتعلق بإجراءات التزود بالماء والمواكبة اللوجيستية.

انقسام داخل الاستقلال

مصادر من داخل الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أفادت بأن عدداً من البرلمانيين يشعرون بضرورة إبداء موقف واضح وشفاف إزاء هذا الملف الحساس، معتبرين أن التوقيع على تشكيل لجنة تقصي الحقائق لا يعني الاصطفاف مع المعارضة بقدر ما هو تعبير عن دور رقابي يجب أن يضطلع به البرلمان، خاصة في قضايا تمس المال العام وتهم المواطنين بشكل مباشر.

إلا أن نزار بركة يبدو حريصاً على الحفاظ على تماسك الأغلبية الحكومية، ووفق المصادر ذاتها، فقد عبّر في أكثر من مناسبة عن رفضه الدخول في أي خطوة قد تُفهم على أنها مساهمة في إضعاف الصف الحكومي أو التشويش على التماسك الداخلي للأغلبية، خاصة في سياق سياسي واقتصادي دقيق تمر به البلاد.

موعد حاسم بعد افتتاح البرلمان

من المرتقب أن يتبلور الموقف الرسمي للفريق الاستقلالي خلال الاجتماع الداخلي الذي سيعقده يوم الأحد المقبل، أي بعد يومين من افتتاح الدورة البرلمانية الربيعية التي ستنطلق يوم الجمعة. وحسب ما توصلت إليه "هسبريس"، فإن نزار بركة سيقدم عرضاً مفصلاً أمام برلمانيي حزبه، سيتضمن تقييماً عاماً للسياق السياسي والدور المنتظر من الفريق البرلماني، كما سيتطرق بشكل مباشر إلى الجدل الدائر حول لجنة تقصي الحقائق.

ويتوقع أن يكون هذا الاجتماع محطة فاصلة في تحديد اتجاه الحزب داخل البرلمان، لاسيما في ظل التوتر الصامت الذي يسود علاقة مكونات الأغلبية الحكومية، بعد تصاعد عدد من الأصوات الناقدة من داخل الفرق البرلمانية الموالية للحكومة نفسها.

توازنات الأغلبية ومصالح الحزب

رفض نزار بركة الانخراط في مبادرة تقصي الحقائق قد يبدو في ظاهره موقفاً سياسياً محسوباً على الانضباط الحزبي في صفوف الأغلبية، لكنه يطرح في المقابل تحدياً داخلياً حقيقياً، يرتبط بتماسك حزب الاستقلال ذاته، الذي لطالما سعى إلى تقديم صورة الحزب المسؤول والرقابي في الآن ذاته.

وفي انتظار ما ستسفر عنه مداولات الفريق الاستقلالي، تظل الأنظار موجهة إلى بركة، الذي يجد نفسه في مفترق طرق بين الحفاظ على وحدة الأغلبية، وبين مطالب قواعد حزبه التي تطالب بمزيد من الشفافية والمساءلة، خصوصاً في قضايا ذات طابع اجتماعي واقتصادي حساس.

يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن نزار بركة من التوفيق بين هذين المسارين؟ أم أن الخلافات الداخلية قد تعيد رسم ملامح العلاقة بين حزب الاستقلال وباقي مكونات التحالف الحكومي؟