لم تمر الدورة العشرون من مهرجان موازين إيقاعات العالم، دون أن تثير جدلًا واسعًا، بعدما طفت على السطح سلسلة من المشاكل التنظيمية والاختلالات التي طالت جوانب عدة من الحدث بمجرد انطلاقه بالعاصمة الرباط يوم 20 يونيو الجاري، ما خلف موجة من الانتقادات الحادة في الأوساط الإعلامية والجماهيرية.
فمن سوء تدبير عمليات الولوج إلى المنصات، إلى الارتباك في برمجة بعض الحفلات، مرورًا بتعاملات مهينة مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية، رسمت هذه الدورة صورة مهزوزة عن مهرجان لطالما افتخر المغاربة بإشعاعه الدولي خاصة بعدما راكم تجربة كبيرة على مدى 20 دورة.
عدد من الصحفيين تحدثوا عن “احتقار” ممنهج واجهوه خلال تغطية الحفلات، حيث تم منع البعض من الوصول إلى أماكن مخصصة رغم توفرهم على بطائق الاعتماد، أو التعامل معهم بطريقة غير مهنية، في سابقة لم يشهدها المهرجان من قبل بهذه الحدة.
مشاكل تنظيمية كبيرة أدت إلى احتجاجات واسعة في صفوف الجماهير، التي اقتنت تذاكر الحفلات بأثمنة وُصفت من قِبل البعض بالمبالغ فيها، دون أن تتمكن من العثور على أماكن مخصصة لها أو مقاعد رغم التوفر على تذاكر رسمية وقد تجلّى ذلك بوضوح خلال حفلي الفنان اللبناني وائل جسار والعراقي كاظم الساهر بمسرح محمد الخامس، حيث سادت فوضى عارمة قبيل انطلاق العروض، بسبب غياب التنظيم وعدم احترام مقاعد الحضور.
كما أثارت بعض السهرات تساؤلات حول قيمة الإنتاج، وغياب التواصل مع الفنانين، فضلاً عن تأخير في انطلاق العروض، الأمر الذي أثار استياء الجمهور ودفع كثيرين للتعبير عن خيبة أملهم على مواقع التواصل الاجتماعي
وعبّر العديد من الحاضرين في مختلف منصات المهرجان عن استيائهم من رداءة جودة الصوت، متسائلين عن الإمكانيات التقنية التي اعتمدتها إدارة المهرجان لضمان تجربة فنية تليق بجمهور يوصف بـ”السميع” وذو ذوق فني رفيع، خاصة أن الميزانية المخصصة للجوانب التقنية في المهرجان تُعد من بين الأعلى مقارنة بتظاهرات فنية مماثلة
واختتمت فعاليات الدورة العشرين من المهرجان بفضيحة كان بطلها حفل الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، التي مثّلت مشاركتها في «موازين» عودةً إلى الساحة الفنية بعد فترة ابتعاد فرضتها أزماتها النفسية والصحية. فقد عَمّت الفوضى الحفل منذ بدايته، ما دفع شطرًا من الجمهور إلى الانسحاب بسبب الاكتظاظ وغياب التنظيم، قبل أن يتفاجأ مَن بقي منهم بصعود نجمتهم المفضّلة إلى الخشبة وهي تؤدّي أغانيها بتقنية «البلاي باك»، ما حدا بالفنانة إلى تدارك الموقف وإكمال وصلتها الغنائية مباشرةً (لايف) بعد مطالب الجمهور بذلك.
وكثرت التساؤلات حول الميزانية المخصصة لمهرجان موازين، والتي توصف بالضخمة، دون أن تنعكس على مستوى التنظيم، أو جودة الصوت، أو حتى الإشعاع الثقافي والفني الذي كان من المفترض أن يميز دورة استثنائية. ورغم الموارد المالية الكبيرة، إلا أن النتائج لم تكن في مستوى التطلعات، مما فتح الباب أمام علامات استفهام عديدة: أين ذهبت هذه الميزانية؟ ولماذا لم تُترجم على أرض الواقع في الجوانب الأساسية التي ينتظرها الجمهور
وبينما كان من المفترض أن تكون الدورة العشرون محطة استثنائية للاحتفاء بمسار مهرجان ضخم يمتد لسنوات، تحوّلت إلى واحدة من أكثر الدورات إثارة للجدل، وسط مطالب بإعادة النظر في طرق التنظيم وإعادة الاعتبار للجمهور والإعلام والفنانين الذين تستقبلهم مختلف منصات المهرجان.