مشروع قانون المسطرة المدنية.. إليكم أبرز النقاط التي فجرت الخلاف بين المحامين والحكومة
مازال مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 الذي جرى التصويت عليه في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الجمعة الماضي، بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، يثير الكثير من الجدل ، إذ تسبب في شن المحامين لإضراب من ثلاثة أيام انطلق أمس ويستمر إلى يوم غد الخميس 25 يوليوز.
الإضراب الذي دعت إليه جمعية هيئات المحامين بالمغرب جاء وفق مصادر من الهيئة ذاتها بسبب تراجعات حملها المشروع.
وفي هذا الصدد يعتبر الحسين الزياني ، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ، أن مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 ، فيه تراجعات كبيرة على مستوى حق التقاضي والمساواة على جميع الأصعدة، وأنه يضر بالعدالة وحقوق المواطن.’’
وأكد الزياني في حدث مع بلبريس أن الجمعية واكبت الإعداد للمسطرة كمشروع وقدمنا مذكرة ترافعية مفصلة كجمعية سنة 2022، شاركنا وأعطينا وحاورنا وقدمنا مذكرتين إضافيتين للوزارة والفرق البرلمانية ، وعقدنا عدد ندوات نظمنا إحداها بشراكة مع وزارة العدل ونحن منفتحون نتبنى الحوار والتعاون كمبدا راسخ “
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الخطب الملكية تحدثت عن المفهوم الجديد للعدالة بحيث جعل القضاء في خدمة المواطن علينا أن نلتزم ونسعى جميعا إلى تحقيق هذا المفهوم .
وشدد الزياني أن ’’القانون والدستور هو الفيصل ، ونحن لا نفرض مواقف وآراء شخصية ، لكن من حقنا المساهمة في النقاش العمومي كمهنيين وممارسين ، مشيرا إلى أن مكتب الجمعية سيصعد ضد هذا المشروع.’’
وعن أبرز النقاط الخلافية يذكر الزياني مثلا مسألة الوكيل إذ لا يمكن جعل القضاء في خدمة المواطن بوكيل يمكن أن ينوب على المواطن في المحكمة.’’
وفي هذا السياق يتساءل رئيس جمعية هيئات المحامين عن الضمانات المتوفرة لدى الوكيل الذي سينوب على المواطن في مساطر قضائية تتطلب دراية ومعرفة . والولوج المتبصر للعدالة لا يكون بهذا الشكل ’’ على حد تعبيره.
وشدد الزياني أن المحامين مستعدون للنيابة عن المواطن الذي لايملك أي إمكانات مادية وهذه خدمة للعدالة نقدمها باعتزاز ومنذ سنوات.’’ لافتا ان المؤسسات المهنية للمحامين تقوم إلى جانب السادة المسؤولين القضائيين بمجهودات جبارة لمحاربة كل الممارسات المضرة بمرفق العدالة كيفما كان نوعها ، وبفتح الباب امام وكلاء غير مؤهلين وغير نظاميين ستعج المحاكم بممارسات يصعب تقدير حجم ضررها ’’ وفق تعبيره.
وقال المتحدث أننا في زمن ’’رقمنة المساطر القضائية ونحن مقبلون على الذكاء الاصطناعي مما يفرض ضمان الولوج المتبصر إلى العدالة وهو الولوج الذي يضمنه المحامي بحكم رسالته ودوره ، وبالنسبة للوكيل فهو غير منظم ولا ضمانات له وتضيع أموال على الخزينة لان المحامي خاضع للضريبة بينما الوكيل سينوب باجر أو بدونه لكن لا يتحمل أي عبء تجاه الدولة ولا يتحمل باي التزامات تجاه المستخدمين ولا اي شيء.
ان موقفنا واضح وضد عدد كبير من مقتضيات مشروع قانون المدنية الماسة بحقوق المتقاضين المخالفة للدستور .
النقطة الخلافية الثانية في مشروع قانون المسطرة المدنية هي قيمة النزاع ’’ والتي جاء المشروع بها فإذا كانت أقل من 30 ألف درهم ليس لك حق الاستئناف وهذا غير سليم فيه تمييز وخرق لمبدأ المساواة في الدستور.
واعتبر الزياني أن بعض المقاولات الصغيرة جدا هذه مبالغ كبيرة بالنسبة لها، فهل نقصيها من التقاضي؟
المشروع تضمن أيضا مسألة النقض، حيث يحرم المواطن منه إذا كان النزاع أقل من 80 ألف درهم، وهذا أمر غير مقبول يضيف الزياني.
وان الطعن بالإلغاء الذي جاء به المشروع لا يؤدي إلى نتيجة ، ولن يبسط الرقابة على الملفات ونحن كهيئة نريد تجويد العمل القضائي ، لا يمكن تكريس مواقف أو اتجاهات غير قانونية.
وتابع في هذا الشأن بالقول :’’نحن مع إخضاع جميع الأحكام للرقابة القانونية لمحكمة النقض بصرف النظر عن القيمة المالية، نحن نفتخر بالمنظومة القضائية لكن الخطأ وارد ’’ مشيرا إلى أن ’’هناك كم كبير من القضايا في المحاكم لكن يجب معالجة هذا المشكل بالموضوعية اللازمة والتعاون وبالمعايير الدستورية والتشريعية الملائمة دون مساس بالمبادئ الكبرى.
وكان بإمكان المشروع تخفيض هذه المبالغ ليستفيد المواطنون من مرفق العدالة لان اللجوء إلى القضاء حق دستوري’’ .
النقطة الثالثة التي يوردها المحامون هي التقاضي بسوء النية، والتي يحكم فيها بأداء بغرامات لكن ما هو معيار التقاضي بسوء النية ، يتساءل الزياني، مستدركا أن احد المتقاضين يمكنه طلب التعويض إذا ثبت للمحكمة أن خصمه يتقاضى بسوء نية.
وعن الإضراب قال الزياني لبلبريس ’’اتخذنا ، على مضض، قرار التوقف عن العمل لثلاثة أيام ، ومكتب الجمعية يترجم ارادة تذمر المحامين بالمغرب وهي جمعية تضم 17 هيئة. مضيفا ان هذا التوقف في مصلحة المتقاضي في حد ذاته لانه هو المتقاضي الذي سيتضرر بالدرجة الاولى من مقتضيات هذا المشروع .
وشدد الزياني على أن هذا المشروع يجب أن يحال على المحكمة الدستورية ، وسنمتثل لقرار المحكمة الدستورية ، لأنه لا يمكننا قانونا تقديم الطعن بعدم دستورية هذا المشروع امام المحكمة الدستورية لعدم اخراج قانون الدفع بعدم الدستورية ، وهذا يسائل الحكومة ووزارة العدل .
وخلص الزياني بالقول إن ’’هذا مشروع مخالف للدستور ويضرب مبادئ دستورية كبيرة، والبناء الديمقراطي والحقوقي اختيار استراتيجي لجلالة الملك وللمغرب ولا يمكن العودة إلى الوراء . على حد تعبيره.
ومن هذا المنطلق أكد انه على رئيس الحكومة احالة هذا المشروع على المحكمة الدستورية وهي الفيصل في الموضوع ، وهذا القانون يستحق ان يحال على هذه المحكمة لانه قانون إجرائي عام يستمر في الزمن لعقود من الزمن و مرتبط بالحقوق المضمونة في الدستور.