في تعليقها على قرار المحكمة الدستورية الذي أسقط موادا جوهرية من قانون المسطرة المدنية، اعتبرت الدكتورة أسماء مهديوي، المتخصصة في القانون العام والعلوم السياسية، أن القرار يتجاوز كونه مجرد إجراء تقني ليعبر عن رسالة دستورية قوية تعيد ضبط الحدود بين السلط وتكرس مبدأ استقلال القضاء.
وأوضحت الدكتورة مهديوي في تصريح خصت به بلبريس أن المحكمة الدستورية تضطلع بدور مركزي في الحفاظ على توازن السلط، وأن قرارها الاخير يعكس هذا الدور بكل وضوح، حيث جاء مفصلا ليؤكد على أن المحكمة حاضرة بقوة في لحظات التوازن الحاسمة، خاصة حين يتعلق الأمر باستقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة.

وترى الخبيرة القانونية أن القرار أرسى خطوطا واضحة أمام أي محاولة لإعادة السلطة التنفيذية إلى المجال القضائي. فالمحكمة رفضت بشكل قاطع أن يمنح وزير العدل صلاحيات التدخل في عمل القضاء، سواء من خلال تحريك ملفات ضد القضاة أو عبر إدارة النظام المعلوماتي للمحاكم، لأن في ذلك مساسا صريحا بمبدأ استقلالية القضاء، الذي يعد من المبادئ الأساسية التي لا تقبل التراجع عنها بعد دستور 2011.
وفيما يخص مسألة رقمنة القضاء، وصفت الدكتورة مهديوي موقف المحكمة بالمتوازن، فهي لم ترفض الرقمنة كأداة لتجويد خدمة العدالة، لكنها شددت على أن تدبير النظام المعلوماتي للقضاء يجب أن يبقى حصرا لدى السلطة القضائية، لا أن يدار من قبل وزارة تنتمي إلى السلطة التنفيذية.
وخلصت الدكتورة أسماء مهديوي إلى أن هذا القرار لا يصح أن يقرأ فقط كإلغاء لبعض المواد أو الفقرات، بل “كرسالة دستورية قوية تعيد ضبط الحدود بين السلط، وتؤكد أن لا ديمقراطية بدون قضاء مستقل، ولا قضاء مستقل بدون قانون منسجم مع الدستور”.