أوضح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أنه لم يكن يريد الترشح لولاية ثالثة على رأس الحزب .
وقال لشكر في كلمته، في افتتاح المؤتمر الحادي عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المقام، ببوزنيقة،"أعلنت بالوضوح اللازم عن عدم ترشحي للكتابة الأولى مباشرة بعد الإعلان عن النتائج الانتخابية لاقتراع الثامن من شتنبر 2021، وكانت المسؤولية لا تسمح بغير ذلك، باعتباري مؤتمنا على التفعيل الأمثل لمقتضيات القانون الأساسي للحزب".
وأضاف لشكر : "اعتبرت الحزب في وضع تنظيمي أفضل من الوضع الذي كان عليه قبل استلامنا مسؤولية الكتابة الأولى، وأن تمثيليتنا داخل المجتمع من خلال منتخباتنا ومنتخبينا في كافة المؤسسات التمثيلية برلمانية كانت أم ترابية، يعتبر ان (أي المكتسبات التنظيمية والانتخابية) رصيدا من شأنه أن يسهل مهام القيادة الجديدة المفترض أن تستلم المشعل في المؤتمر المقبل، ذلك أنها ستقود حزبا بوضع تنظيمي وانتخابي وسياسي أفضل بكثير من وضعه قبل عشر سنوات".
وتابع: "تلك كانت رغبتي، ويشهد الله على صدقي نواياي، وعلى أني لم أرغب مطلقا في أي ولاية ثالثة على رأس حزب عريق، يعلم الله ماذا يعني لي، وقد عشت العمر كله داخله منذ أن اخترت في بدايات الشباب الانخراط فيه عن قناعة كانت وما زالت أنه الأداة الأمثل لترجمة مصالح القوات الشعبية، ولم أندم يوما على هذا الانخراط اليومي باعتبار أن الاتحاد الاشتراكي بالنسبة لي هو المعنى والذات والأفق الوحيد".
وأكد أنه "بعد انتهاء اللحظة الانتخابية، سنكتشف أننا بفعل تداعيات جائحة كورونا لم نتمكن من عقد الجموع العامة المحلية والمؤتمرات الجهوية في أغلب الفروع والجهات، وبالتالي اصطدمنا مع واقع تنظيمي كان سيؤدي في حالة تنظيم الجموع العامة ليس فقط لتجديد الهياكل الحزبية، بل تغييرها بالمطلق، باعتبار أن أغلبها كان يضم مناضلات ومناضلين استوفوا شرط العضوية لولايتين متتاليتين، وأصبحوا في وضعية غير قانونية تجاوزت المدة المنصوص عليها في القانون التنظيمي للأحزاب، ولا يخفى أن تغييرا تنظيميا في المسؤوليات الحزبية القيادية والقاعدية، المركزية والجهوية والمحلية الذي قد يفضي إلى إفراغ الهياكل الحزبية من مسؤولين ذوي كفاءة وتجربة بطريقة "راديكالية" ستكون له انعكاسات تنظيمية سلبية في مرحلة نسعى فيها لتقوية البنيات التنظيمية وتأهيلها لورش الانفتاح على المجتمع وتوسيع القاعدة الحزبية".
وأبرز المتحدث ذاته، أنه "كان التفكير في تعديل القانون الأساسي للحزب بناء على مقرر صادر عن المؤتمر الأخير يفوض للمجلس الوطني القيام بالتعديلات الضرورية، بحيث يتم السماح للأعضاء الذين استوفوا شرط الولايتين المتتابعتين بالترشح لولاية ثالثة، وهو ما سيعرض عليكم للمصادقة من طرف مقرر اللجنة التحضيرية، بعد أن صادق عليه المجلس الوطني".
وشدّد على أن "هذا هو سياق تعديل بعض بنود القانون الأساسي، فلقد كان الأمر لحل إشكال تنظيمي أكبر من صراع متوهم حول الاستئثار بالكتابة الأولى للحزب أو المكتب السياسي، لأن الأمر كان مرتبطا أساسا بمختلف الهياكل والمؤسسات والبنيات التنظيمية للحزب، خصوصا القاعدية منها باعتبارها ديناميات الحزب الأساسية، والمؤهلة لإنجاح ورشي التوسع التنظيمي والانفتاح على المجتمع وتحولاته".
ولفت أنه "حين تقررون تعديل القانون الأساسي للحزب بما يسمح لي بالترشح لولاية ثالثة، سيصبح ترشحي من عدمه خاضعا بالنسبة لي لسؤال المصلحة الحزبية، وهذه مناسبة لأشكر كل الاتحاديات والاتحاديين الذين طالبوا وألحوا على ترشيحي، سواء كانوا في المكتب السياسي أو المجلس الوطني أو الفريقين البرلمانيين، وبالأخص القواعد الحزبية في الفروع والجهات".
وأشار إلى أنه "لا معنى لأي ترشح للكتابة الأولى دون تعاقدات واضحة وقابلة للقياس، بما يسمح بتفعيل آليات المحاسبة والرقابة والنقد".
وبخصوص برنامجه للولاية المقبلة، التي قال لشكر إنها تخضع للمصلحة الحزبية في حال اقتراحه كاتبا أولا من طرف المؤتمرين، فقد حدده في 10 تعاقدات أساسية والتي على رأسها “الاستمرار في نهج المصالحة الحزبية، التي تعني السعي نحو استعادة كل الاتحاديات والاتحاديين الذي غادروا الحزب لعضويتهم بعيدا عن أي اشتراطات متبادلة، سوى الوفاء باستحقاقات العضوية على قدم المساواة بين كل أعضاء الحزب”.
أما التعاقد الثاني فيهم “تقوية الحزب عموديا وأفقيا، عموديا باستقطاب طاقات مؤهلة لتمثيل الحزب في الواجهات التمثيلية والمؤسساتية والدبلوماسية، وأفقيا عبر الاستمرار في التوسع التنظيمي من خلال الفروع والمنظمات الموازية”، في حين يركز التعاقد الثالث على “استعادة حضور مناضلات ومناضلي الحزب في الواجهات النقابية، وتأهيل الفيدرالية الديموقراطية للشغل لاستعادة موقعها ضمن النقابات الأكثر تمثيلية”. ويهم التعاقد الرابع “فتح ورش رقمنة المؤسسات الحزبية، وتطوير آليات التواصل عن بعد، بما فيها تنظيم الاجتماعات والمؤتمرات الجهوية والمحلية في حدود الإمكان والضرورة باستثمار هذه الآليات”، في حين سيعمل على “الاستمرار في تأنيث وتشبيب المؤسسات والتنظيمات الحزبية، عبر احترام آلية الكوطا في كل الهيآت القيادية والقاعدية”، كتعاقد خامس.
أما التعاقد السادس وفق لشكر فهو “تقوية التكوين القاعدي في قضايا السياسة والإيديولوجية والتكنولوجيا الرقمية والأدبيات الحقوقية الكونية والشأن المحلي، مما يقتضي مراجعة طريقة عمل المؤسسات المعنية بالتكوين، وإحداث مؤسسة متفرغة لهذا الورش، ويمكن أن تستعين بطاقات من خارج الحزب، مع توفير التمويل الكافي لها”.
ويركز التعاقد السابع على “دعم منتخبي الحزب سواء في البرلمان أو المؤسسات الترابية، مما يقتضي تمثيلهم في كافة أجهزة الحزب، وتطوير كفاياتهم على مستوى الترافع والاقتراح والتواصل”، في حين يهم التعاقد الثامن والتاسع “الحرص على تقوية حضور الحزب سياسيا من موقع المعارضة القوية والجريئة والاقتراحية والوطنية، في مواجهة النكوصية والهيمنة”، وكذا “تأهيل الحزب سياسيا وتنظيميا للفوز في انتخابات 2026 سواء من موقع يؤهله لقيادة الحكومة أو على أقل تقدير المشاركة فيها من موقع متقدم وفاعل وأساسي”.
أما التعاقد العاشر فيشير إلى “اعتبار المرحلة الفاصلة بين المؤتمر الحالي والمقبل محطة لمواصلة تطوير الحزب على مستويات الشفافية التنظيمية والمالية والتدبيرية على قاعدة تفعيل الانضباط لمقررات الحزب وقوانينه، والقطع مع كل مظاهر التسيب التنظيمي، عبر ميثاق مرجعي بمحددات قانونية وتنظيمية وأخلاقية واضحة، مما سيسمح بتدبير الاختلاف على قاعدة منتجة سياسيا وتنظيميا وأخلاقيا”.
وشدد لشكر على أن التعاقدات المقترحة هي “أولويات نعتبرها التزامات، بسبب طابعها الإجرائي، وهي جزء من سعينا نحو تطوير الأداة الحزبية لجعلها قائمة على تعاقدات واضحة تؤطر العلاقة بين القيادة وبين القاعدة”، مبرزا أن “الأحزاب التقدمية بما فيها حزبنا عانت من سيادة أنماط من التجريبية والإرادوية والانتظارية، وهي أعطاب كبلت التيارات التقدمية، وجعلتها رهينة النوستالجيا غير المنتجة، أو الاحتماء بطهرانيات معطلة للتطور، مما جعل الفعل الحزبي يغرق في الصراعات الداخلية على المواقع، عوض أن يكون الفعل الحزبي مؤثرا في الواقع الذي يتحرك فيه”.
وأكد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يحتاج لأن يقطع مع أشكال العضوية المفتوحة غير المؤطرة بالتزامات تنظيمية وأخلاقية ومالية، وأن يفعل كل ما من شأنه جعله حزب تعاقدات، بحيث يتم تدبير الاختلافات وفق هذه التعاقدات، والتي من بينها احترام قوانينه والتزاماته ومؤسساته”.
وأبرز أن ذلك “لا يعني هذا بأي شكل من الأشكال تعطيل آلية النقد، بل بالعكس تعني الإعلاء من ممكنات النقد المنتج، وتقليص إمكانات النقد الهدام، ذلك أن الاتحاد الاشتراكي بحكم أن العلاقات بين مكوناته، أشخاصا ومؤسسات، مبنية على كيمياء إنسانية وأخلاقية واجتماعية أكثر منها تنظيمية و”إدارية”، قد سقط في بعض الفترات في محظور عدم الانضباط وغض البصر عن اختلالات تنظيمية وسلوكية وإساءات في حق الحزب وقيادييه ومؤسساته”.