عصيد لـ"بلبريس": بنكيران يتكلم دون مستوى زعيم سياسي وهذا ما يجب تعديله في مدونة الأسرة + فيديو

ميز إصلاح مدونة الأسرة التي أمر بها الملك محمد السادس اللجنة المكلفة بإعداد المشروع، تصادم بين رؤى تقديمة وأخرى محافظة في عدد من القضايا مثل الميراث والمرأة وتعدد الزوجات وزواج القصيرات، باعتبارهم خيوط المعركة الرئيسية.

وفي الوقت الذي أبان الإسلامييون عن تحفظهم في عدد من فصول مدونة الاسرة متشبثين بعدم المساس بها والحفاظ على الهوية المغربية والديانة الإسلامية والخصوصية للمغرب، يرى التقدميون أن مغرب اليوم يتطلب الإنفتاح أكثر في المدونة والانتصار للمواثيق الحقوقية والكونية والعالمية وتحقيق المساواة في عدد القضايا وعلى رأسها الولاية الشرعية والزواج من غير المسلم، والإرث.

تفاعلا مع ذلك ولتسليط الضوء أكثر على هذا التجاذب والصراع الإيديولوجي، حاورت جريدة "بلبريس" المفكر والناشط الحقوقي أحمد عصيد، الذي يعتبر أن "بنود مدونة الأسرة غارقة في الفقه القديم التراثي الذي لا يمت بصلة لا للدولة الحديثة ولا بروح مدونة الأسرة"، ويؤكد أننا "إزاء إصلاحات ستترجم فلسفة المدونة التي قام عليها الفصل 19 وهو الفصل الذي يتحدث عن المساواة وعن خلخلة كبيرة ومساءلة للعديد من البنود، التي لا تتماشى والتطورات".

وهذا نص الحوار: 

بداية، أثارت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتعديل المدونة جدلا وغضبا لدى الإسلاميين الذين يرونها “مذكرة مارقة” كما سبق ان قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في أول تفاعل رسمي له معها، ما رأيك في هذه المذكرة؟ 

مذكرة المجلس الوطني حقوق الإنسان هي مهمة جدا وتستجيب للأوضاع الحالية للأسرة المغربية التي تعرف الكثير من المشاكل، فالسبب الذي جعلنا نحن كمغاربة أن ننكب على مناقشة المدونة هو أن مدونة 2004 أبانت على كثير من الثغرات خاصة بعدما جاء بعده دستور 2011، ونص في الفصل 19 منه بالمساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات.

فالتقرير يستجيب للمطالب المجتمعية الذي عبر عنه المجتمع خاصة مراكز الإستماع والقضايا في المحاكم، وهنا يتضح الظلم التي تعيشه المرأة داخل الأسر سواء في المناطق المهمشة أو في المدن والبوادي أو العائلات الفقيرة والمتوسطة، نجد تقريبا نفس المشاكل بالنسبة للأسرة.

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران هدد بالخروج في مسيرة مليونية في حال تم المساس بالشريعة الإسلامية، كيف ترى موقفه وتهديده ؟

عبد الإله بنكيران بتكلم دون مستوى زعيم سياسي، يتكلم مثل شخص يمارس التهريج، فعليه أولا أن يحترم موقعه أو على قيادة الحزب أن تفكر في شخص آخر لأنه سيمثل ضررا للحزب وللبلاد.

فمدونة الأسرة لا تعالج بالتهديدات، وعبد الإله بنكيران شخص خارج التاريخ لأنه يهدد الدولة والمواطنين، فمثل هذه المواضيع تناقش بالعقل وانطلاقا من الواقع في المغرب، فهؤلاء الأشخاص مثل بنكيران وبن حمزة والذين يقولون أن هناك ضغوطات تمارس من الخارج، نقول لهم ماذا عن الآلاف من الملفات الموجودة في المحاكم لنساء مظلومات ماذا سنقول عنها!؟ من ظلمهم؟ الخارج ! وبالنسبة أيضا لمراكز الإستماع للنساء اللواتي يشتكين على مشاكل حقيقية هل هذا كله يأتي من الخارج ؟.

فالقانون يتم تعديله وفق سببين، السبب الأول عندما القانون يعجز عن حل مشاكل الواقع، ويصبح متجاوزا من طرف الواقع، والسبب الثاني عندما يكون لدينا قانون متعارض مع قوانين أخرى في الدولة، والآن مدونة الاسرة متعارضة مع الدستور، وهو القانون الاسمى في البلاد، إذا لا يمكن القول أن هناك ضغوط خارجية تمارس في المغرب.

فعيب وعار على زعيم سياسي أن يروج أكاذيب حول تعديل مدونة الأسرة ويقول أنها تتعلق بالعلاقات المثلية والجنسية فلا علاقة لهم ببعض، فالعلاقات المثلية تناقش في القانون الجنائي وتدخل ضمن العلاقات الفردية ولا علاقة لها بالأسرة، ومن يريد طرح مثل هذه المواضيع يريد منها تشويش النقاش لأن الحجج تبقى ضعيفة ضد الدفاع عن الأسرة والمصلحة الفضلى للطفل.

 هناك من يطالب بتغيير الفصول 230 و231 و236 و237 من مدونة الأسرة وتعيدلها لتشمل حق الأم في الوصاية القانونية على أبنائها وتحقيق مساواة تامة مع الأب، هل توافق على هذا المطلب؟ 

ظهرت الآن في الأسر المغربية أن مصلحة الأطفال تضيع عندما نضع الولاية في يد الرجل وحده، فالرجل عندما لا يتحمل مسؤوليته في الطلاق أو ينتقم من المرأة بالتخلي لها على الأطفال، يتضح بعدها أن الأم لا تتمكن من إنجاز العديد من الأمور خاصة المسائل الإدارية بدون أن تكون لها الولاية ولهذا يُلزم عليها أن تلجأ إلى الأب لإنجاز المسائل الإدارية الخاصة بالطفل، وهذا ما يجب أن ينتهي في البلاد ويجب أن تكون الولاية عند الحاضن، إذ لا يمكن أن تكون المرأة حاضنة وأن تبحث عن الأب في كل مرة.

وهذا الأمر يجب أن ينتهي بالولاية المشتركة بين المرأة والرجل ومن له الحضانة يتولى الولاية، وهو نفس الأمر الذي يجب أن يطبق على الحضانة للأطفال حيث يتم إزالة الطفل من الأم بمجرد زواجها من رجل آخر بخلاف الأب الذي يمكنه الزواج دون نزع الحضانة منه، وهذا ظلم لها، وما يجب أن يخضع له الرجل تخضع لها المرأة كذلك.

هناك جدل كبير حول زواج القصيرات، هل تؤيد تحديد سن الزواج ؟ 

هنا يتضح أن زواج الطفلات يجب أن ينتهي، وأن العدد من الفتيات التي يتم تزويجهن في السنة لا يسر، لأن الآلاف من الطفلات يحرمن من التعليم بسبب الزواج، وعوض أن يتم توفير الظروف الملائمة لهم للدراسة بتوفير المدارس ودور الطالبة يتم اللجوء إلى تزويجهن وبالتالي يتعرضن إلى العنف ثم الإغتصاب، لأن العلاقة الجنسية مع القصيرات ليست سوية كما يعتقد الناس ثم نحملهم مسؤولية العائلة قبل النضج العقلي والنفسي، وهو يمكن أن يتحقق مع بلوغ السن 18 سنة، ومن يقول غير ذلك بتحديد سنة 15 أو 16 فهو ينافق الواقع، ولا يمكن تحميلهم مسؤولية عظيمة مثل الاسرة.

ماهو موقفك من الجدل والنقاش الدائم حول الإجهاض بين تجريمه وبين تقنينه، بحجة أن هذا الموضوع يدخل في إطار حرية المرأة الجسدية؟ 

الإجهاض يتعلق بالقانون الجنائي، وعندما ننطرح هذا الموضوع فإنه يعني حرية التصرف في الجسد، فالعلاقة بين الإجهاض والأسرة هو أنه يوجد زواج داخل نظام الأسرة ولا يريدون الإنجاب فيقع الحمل بالغلط، فيضطرون لإزالته لأنهم ليست لديهم إمكانيات تربيته، فالقانون يجب عليه أن يقنن الإجهاض ليسمح لهؤلاء الأشخاص بالإجهاض داخل الحياة الزوجية.

ومن المهم تقنين الإجهاض لأنه يتعلق بالحمل غير المرغوب فيه من طرف المرأة بالدرجة الأولى، فكيف يأتي أشخاص آخرين يريدون التدخل في جسدها وفي إرادتها وهي من ستقوم بمهام الإنجاب والرضاعة والتربية، يجب إعطاء الأولوية لهذه لإرادة فكل ما نريد أن نتكلم عنه سواء في المدونة أو الإجهاض يتعلق بالمرأة إن كنا نحترمها أو لا.

فمن يرفض هذه التعديلات التي تعطي للمرأة كرامتها وهن من النساء فهذه تسمى "العبودية الإرادية" فهؤلاء النساء تربين على احتقار الذات وتربين على اعتبار أن المرأة ناقصة، ولهذا اليوم فإن العديد من النساء يؤكدن على أن التعدد حق شرعي للرجل، والواقع عندما يريد رجل أن يتزوج امرأة ثانية ترفض وتسلبه جميع ممتلكاته.

اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لمسلمة أن تتزوج غير مسلم فلو تزوجت به كان الزواج باطلا ولا يترتب عليه أثر من آثار الزواج،  في حين تم السماح للرجل بالزواج بغير المسلمة، ما رأيك؟ 

لايُعقل أن يُسمح للرجل أن يتزوج من غير المسلم ويمنع ذلك على المرأة المسلمة بحجة أن شخصيتها ضعيفة وأن الرجل الأجنبي الذي تزوجها يمكنه أن يخرجها من ديانتها، فهذا الكلام غير معقول وفيه احتقار للنساء، ولا يجب أن يكون هناك تمييز بين المرأة والرجل يجب أن ينتهي لأن الواقع يكذبه بالنسبة العالية التي تحققه النساء في التفوق في جال التحصيل العلمي والدراسي.

هل أنت مع أو ضد تفعيل بند الحمض النووي من أجل إثبات النسب؟ 

إثبات النسب يجب أن يكون بتحليل "DNA" ولا يمكن القبول اعتبار أن "الولد للفراش" وهي قاعدة فقهية كانت منذ 1200 سنة واليوم هي متجاوزة، ولهذا اليوم يوجد العلم ومراكز التحاليل الذي يجب على القانون المغربي أن يتبنى تحليلات مختبرية باعتبارها تحسم في موضوع النسب والبنوة.

ماذا نقصد بالتعصيب؟ ولماذا المطالبة بإلغاءه؟ هل يشكل إلغاءه تعارضا مع الأحكام الدينية والشرعية؟

بالنسبة للحقوق الإقتصادية للمرأة، التي غالبا ما ينتج عنها التشنج والإصطدام، فذلك ليس حبا في الدين أو لأن هناك غيرى على الدين، بل لأن الناس يريدون أكل حقوق إخوتهم فقط أكثر من النساء، ولهذا هناك صراع مصالح إقتصادية وليس دينية ولهذا فنحن نريد رد الأمور إلى نصابها، واليوم المرأة ليست في نفس الوضعية التي جاءت فيها الآية للذطر مثل حظ الأنثيين"، فلما جاءت الآية كان الرجل آنذاك هو من ينفق والمرأة يُنفق عليها، وكان الرجل هو من يحارب لكسب الغنائم، وهذا ما تغير كله في عصرنا هذا وأصبحت المرأة هي من تُنفق مثلها مثل الرجل.

كما أن عمل المرأة داخل البيت هو عمل عظيم جدا ويجب على الدول أن تعترف به ليُعطى قيمة لهذا العمل، فجلوس المرأة في المنزل معناه حوالي 15 ساعة عمل داخل المنزل، وتمارس عددا من الأشغال مضنية، ويتم وصف عملها في البطاقة الوطنية "بدون" لكن بالنظر مجهوداتها داخل البيت فإنه يفوق عمل الرجل خارجه، وفي النهاية عند الطلاق يتم تجاهل أدوارها في استقرار الأسرة.

وفيما يتعلق بالإرث، فمن يمنع النقاش حوله بحجة أنه طابو وأنه باب مغلق ولا يمكن نقاضه، لأن الإرث في الإسلام له حلول من داخل المنظومة القرآنية، فالإرث له الوصية في عدد كبير من الآيات القرآنية "الوصية للوالدين والأقربين"، إذن بما أن الوصية توجد في القرآن، لماذا إذن تمت إزالتها بحديث ضعيف والذي هو "لا وصية لوارث"، فنحن نريد الحديث الضعيف أن يزول وأن تبقى الآية القرآنية في مكانها وتقر الدولة الوصية بالنسبة للعائلات المغربية ليكون لهم الإختيار لتدبير إرثهم كما يفضلون.

أما بالنسبة للتعصيب فهو كارثة حقيقية يجب أن تزول لأن الفتيات هنا يُمنعن من حقوقهن، فلا يمكن أن يشتغل الاب لحياته على بناته وعندما يتوفى يسلب أشخاص آخرين ميراث البنات ويقاسمونهم في أثاث المنزل وفي بعض الأحيان يُرمى بهن في الشارع.

 من بعض النقط الخلافية أيضا هو مطلب تعدد الزوجات في مدونة الأسرة الجديدة وتعدد الزوجات هو موجود في المدونة الحالية لكنه محدد بشروط وقيود وبسلطة تقديرية للقضاء، هناك من يريد الإبقاء عليه اليوم  وهناك من يريد المنع أو الإنهاء أو حتى التجريم؟

جاء تعدد الزوجات في الإسلام من جيث أن الرجل هو المركز، وأن المرأة تخدمه وأنها ملحقة به وهذه هي الفكرة القديمة التي لدى الفقهاء، ولهذا يجب أن تكون عدد النساء أكثر من واحدة لخدمة الرجل وراحته، فهذا المنظور لم يعد موجود اليوم، كما أن تعدد الزوجات فيه احتقار للمرأة لأنه عندما نتزوج بالمرأة وتضيف الثانية نهين كرامة الأولى، فبالتالي فإن العائلة المستقرة هي تعاقد بين الطرفية وهي العبارة الموجودة في الديباجة الأولى في مدونة الأسرة، ولم يتم ذكر أطراف أخرى.

فتعدد الزوجات يشتت الأسرة ويهين النساء ويعذب الأطفال ويخلق لهم أمراض نفسية ويخلق لهم مشاكل كثيرة، وهؤلاء الأشخاص الذي يتزوجون أكثر من واحدة هم "أنانييون" لإشباع رغباتهم الجنسية.

كذلك عند مرض المرأة، فلا يعقل أن يلجأ الرجل للزواج من الثانية لأن زوجته الأولى أصابها مرض ما، وهذا ليس بمنطق مقبول، فما نقوله عن الرجل يقال على المرأة أيضا وهما في نفس الكفة، فلا يمكن أن تضحي المرأة إذا مرض الزوج وإذا ما حصل العكس يلجأ الأخير إلى الزواج بحجة تجديد الحياة، فهو انعدام للحس الإنساني وانعدام الضمير.

لقد آن الأوان لوضع حد لهذه الآفة التي لا يريدها حتى المجتمع المغربي والذي تصل نسبته إلى 0,24 في المائة.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.