امسكان: الوضع العام بالمغرب مقلق ولا شيئ يسمو فوق أمن واستقرار المغرب

يعيش حزب الحركة الشعبية وضعا خاصا في الفترة الحالية، وعلى بعد أقل من 24 ساعة على انتهاء المهلة التي منحها مجلس النواب للفرق النيابية من أجل تقديم مرشحها لمنصب نائب رئيس مجلس النواب، لم يستطع الحزب التوافق على نائب يشغل المنصب.
استضافت الجريدة الإلكترونية بلبريس رئيس المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، الدبلوماسي سعيد أمسكان، الذي يعد من المخضرمين سواء كوزير أو برلماني سابق، لمناقشته في الوضع السياسي العام وكذا الوضعية التي يعرفها حزب الحركة الشعبية.

يعيش الوضع السياسي العام في البلاد وضعية مقلقة تضعنا أمام أسئلة حارقة، كيف تقرأ الوضع السياسي في البلد؟

بكل صدق، الوضع بالنسبة لي مقلق في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وحتى السياسية حيث نعيش مؤخرا الكثير من المشاكل والصراعات بين الأحزاب السياسية خلال الانتخابات وفي قبة البرلمان وحتى داخل كل حزب على حدة. على المستوى الاجتماعي والاقتصادي كذلك يعيش المواطن وضعية صعبة فأغلب الأسعار في ارتفاع مستمر، بما فيها تكلفة المعيشة والتعليم وهو ما ينهك الطبقة المتوسطة التي تعاني من قلة الإمكانيات. كل هذه المؤشرات تجعل المواطن يعيش قلقا داخليا.

ذكرت مشكل التعليم وهو الملف الذي يقوده وزير في الحكومة من حزبكم الحركة الشعبية، يبدو أن الوزير الحركي يخوض حربا شرسة لوحده دون أن يكون مسنودا لا من الحكومة ولا حتى من حزبه، لماذا لم يساند حزبكم وزيره في الحكومة؟

مشكل التعليم ليس وليد اللحظة حقيقة، وإنما يطرح للنقاش منذ سنوات كثيرة، ما أسجله بأسف هو أن النقاش اليوم حول القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين انحصر في مادة وحيدة تتعلق بلغة التدريس. دعني أقول أنني شخصيا أدعم التدريس باللغات، وأعتقد أنه من أجل معالجة المشاكل المرتبطة بالتعليم، خاصة منها الاندماج في سوق الشغل، لا بد من إعطاء أولادنا فرصا للتكوين باللغات العالمية لاتي ستفتح لهم آفاقا دولية ووطنية.

ولكن الملاحظ أن الملف تم تسييسه وهو ما يساهم في الهدر الزمني، كيف يعقل أننا وصلنا إلى القرن 21 وما زلنا نتجادل في لغة التدريس في عالم يسير أكثر من أي وقت مضى نحو العولمة؟

أتفق معك في هذه الملاحظة؛ ما وقع هو أن أحزاب الأغلبية الحكومية اتفقت، منذ تشكيل الميثاق، على تصويت جميع النواب على التصويت بالإجماع على القانون الإطار، ومن أجل هذا القانون عقدت دورة استثنائية للبرلمان، لكننا مع الأسف لم ننجز شيئا في هذا الباب لأن بعض الأحزاب غيرت موقفها تجاه القانون.

من هي بالضبط الأحزاب التي غيرت موقفها، هل العدالة والتنمية؟

في البداية اتفق رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية مع التصويت بالإجماع، لكن بعد اجتماع الفرق النيابية أخبرنا بأن نواب حزبه لم يعودوا متفقين حول القانون.
ولكن رغم عدم اتفاق نواب العدالة والتنمية ولا حتى حزب الأصالة والمعاصرة الذي يقود المعارضة، فإن الإتلاف الحكومي لا يزال يملك أغلبية داخل البرلمان؛ لماذا إذن لم يتم التصويت بعد على القانون الإطار؟
الأمر في الحقيقة، أكثر تعقيدا مما يبدو.
كيف ذلك؟

نواب المعارضة يتساءلون: كيف يعقل أننا في المعارضة نصوت لصالح القانون، في حين يصوت ضده نواب حزب يقود الأغلبية ؟

ألا ترى أن نواب المعارضة يلجؤون إلى هذا التكتيك للضغط أكثر على الأغلبية الحكومية، هل هم مقتنعون أصلا بالتصويت لصالح القانون؟

بعض النواب الذين كلمتهم متفقون على التصويت لصالح القانون، لأنهم مقتنعون أن الطلبة المغاربة لا بد أن يتمكنوا من اللغات الأجنبية من أجل مواكبة التطور العلمي.

غير بعيد عن ملف القانون الإطار هناك ملف حارق أيضا وهو ما يعرف اليوم إعلاميا بـ"أساتذة التعاقد" أو أساتذة الأكاديميات كما تسميهم الحكومة حاليا، هل ناقشتم وزيركم في الحكومة الذي يدير القطاع داخل الحزب وناقشتموه في الأمر؟

أنا لا أعتقد أن تدبير هذا الملف عمل وزير، بقدر ما هو عمل حكومة بأكملها، سبق أن حضرت لقاء للأغلبية الحكومية حول الملف وسجل الوزير آنذاك أن هناك 14 تعديلا تعتزم الحكومة تقديمها. أنا لا يمكن أن أبدي رأيي في هذا الملف لأنني لا أملك المعطيات الكاملة، لكن ما أسجله أن الأحزاب السياسية والنقابات لم تعد تؤثر على الناس؛ وهذا بالمناسبة ليس موجودا في المغرب فقط.

بناء على هذا الكلام، هل يمكن أن نعتبر أن الأحزاب والنقابات أصابها اليوم انهيار تعجز بسببه عن مواكبة الشارع والتأثير فيه؟

دعني أسجل في هذا الباب مفارقة غريبة، الحوار الذي يتم في ملف الأساتذة تخوضه الحكومة مع التنسيقيات وهي تختلف في إطارها القانوني عن النقابات؛ في حين أن الحوار الاجتماعي تخوضه الحكومة مع النقابات. في النهاية نلاحظ أن الذي يذهب ضحية هذا الوضع هو المواطن.

تم مؤخرا التصويت على رئيس مجلس النواب، ولاحظنا جميعا كيف أن المعارضة لم تستطع الاتفاق على مرشح ينافس الحبيب المالكي؛ كيف تفسر هذا الأمر؟

صراحة لا أجد أي تفسير لهذه المفارقة.

هناك من اعتبر أن نتائج التصويت ساهمت في تعزيز اللبس القائم الآن بين الأغلبية والمعارضة، ألا تفسر هذه المؤشرات القلق السياسي الذي تكلمت عنه في بداية هذا الحوار؟

مع الأسف الشديد، كل الأحزاب اليوم تعاني تصدعات داخلية.

ألا تطرح الطريقة التي تمت بها إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب أسئلة حول الديمقراطية والشفافية في الاختيار، وهي المبادئ التي توصي بها خطابات صاحب الجلالة الملك محمد السادس والدستور المغربي؟
رئيس مجلس النواب منصب مهم جدا ولا يمكن لأي كان أن يتحمله، أرى أن الحبيب المالكي تتوفر فيه الشروط لشغل المنصب على أكمل وجه والنجاح في مهامه لأنه رجل دولة ورجل توافقات.

ألا ترى أنه حان الوقت للانتقال من المقاربة التوافقية إلى المقاربة المؤسساتية بتطبيق الدستور الذي يوصف بالمتقدم؟

أرى أن التوافق أسلوب حضاري في تدبير المشاكل خاصة في الوضع التي نتحدث عنه.

يعيش حزب الحركة الشعبية اليوم الكثير من المشاكل، إضافة إلى أنه الحزب الوحيد الذي لم يستطع التوافق على مرشح واحد في هياكل مجلس النواب؛ بصفتك عميد مناضلي الحركة الشعبية، هل أنت راض عما يعيشه الحزب اليوم؟

لا أعتقد أننا نختلف عن باقي الأحزاب كما لا أتفق على أننا نعيش تصدعا بالمستوى الذي صورته. أعتقد أن الطموح مشروع لكل نائبات ونواب الحركة. في الاجتماع الأخير للفريق صوتنا على الرئيس بالإجماع.

ولكن اسمك تم تداوله بكثير لرئاسة الفريق، وقالت بعض وسائل الإعلام إن ما وقع مع مبديع تم في إطار صفقة بينه وبين الحركة الشعبية، ما مدى صحة هذه المعطيات؟

هذه المعطيات غير صحيحة؛ بداية أود أن أوضح أنه لم تعد لي أي رغبة ولا قدرة على تحمل مسؤولية رئاسة الفريق بالنظر إلى سني وحالتي الصحية. أؤكد لك أن اسمي لم يثر أبدا وقد اتفقنا داخل الفريق على الرئيس بالإجماع ولم يتقدم نائب لمنافسته، ولا تقدم نائب لرئاسة اللجنة.

وماذا عن نائب رئيس المجلس؟

صحيح أن منصب نائب الرئيس يتنافس حوله الآن مرشحان، وما زلنا ننتظر نتائج هذا المسار.

لكن منصب نائب الرئيس أيضا مهم للغاية ويحتاج مرشحين أكفاء، مثلما قلت قبل قليل حول منصب الرئيس، لماذا عجزتم عن تقديم المرشح الأكثر كفاءة؟

القانون الداخلي للمجلس لا يضع أي شرط لترشيح نائب الرئيس، هناك بعض النواب يطمحون للترقي إلى مستويات أعلى وهناك من له طموحات أخرى وهذه مسألة عادية. لحدود الساعة يمكن أن يحصل التوافق في أية لحظة.

وماذا إن لم يحصل التوافق؟

إذا لم يحصل التوافق سنذهب مباشرة إلى صندوق الاقتراع وسيصوت الإخوان على النائب وينتهي الأمر.

هل يصب هذا الوضع في صالح الحزب؟

دعني أذكرك أن المؤتمر الأخير تم بشكل ديمقراطي وكذلك كان في التصويت على المكتب السياسي، نريد أن يستمر الحزب على هذه الوثيرة لمحو الصورة التي يحملها الناس في أذهانهم حول تسلط الأمين العام.

ولكن هذه الصورة ليست موجهة للأمين العام، بقدر ما هي موجهة لبعض المحيطين به وهو ما دفع البعض إلى اعتبار أن الحزب عاد إلى عهد ما قبل المؤتمر، هل هذا صحيح؟

أنا لا أتفق مع هذا أبدا، الحزب له هياكله ومؤسساته التي تمارس اختصاصات واضحة ومنصوص عليها في القوانين الداخلية للحزب، واليوم زوالا ستصوت على نائب رئيس مجلس النواب.

يلاحظ مؤخرا تحرك عدد من الأحزاب في جميع الأقاليم؛ عكس حزب الحركة الشعبية الذي لا يتحرك إل في جهة معينة، ما الذي يجري داخل الحزب؟

في إطار المجلس الوطني، أحمل مقاربة يمكن أن تشكل وسيلة مناسبة للتواصل مع الناس وخلق نقاش حول القضايا التي تهم الرأي العام، وهي مقاربة تميل أكثر نحو الجهوية حيث يتم تنظيم أنشطة حزبية جهوية نناقش فيها كيفية تنمية كل جهة.

ما لا يعرفه الكثيرون عن السعيد أمسكان أنه شاعر وأديب؛ بمناسبة اقتراب شهر رمضان، كيف تقضي شهر رمضان؟

إضافة إلى الشعائر الدينية التي أمارسها خلال رمضان كجميع المغاربة، أمارس هواية تتملكني وهي البحث في الموسيقى وفي الأدب العربي، وهو ما أمارسه بشكل دائم وليس فقط في شهر رمضان.

كلمة أخيرة للمواطنين ولقراء وزوار الجريدة الإلكترونية بلبريس؟

أنا أدعو جميع المغاربة إلى المساهمة بجد في بناء المغرب وتقدمه وازدهاره في تغليب لمصلحة الوطن، بعيدا عن التشنج في الرأي؛ كما أدعوهم إلى العمل على تعزيز المكانة الاستثنائية والمستقرة في البلد.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.