حذّر محمد الغلوسي، المحامي ورئيس جمعية حماية المال العام، من تصاعد ما وصفه بتغوّل “الأوليغارشية المالية” وسعيها إلى تقويض منظومة العدالة وضرب أسس دولة الحق والقانون، عبر رفض تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، والتضييق على المجتمع المدني في معركة مكافحة الفساد، ومحاصرة النيابة العامة في مجال السياسة الجنائية المرتبطة بجرائم المال العام، خاصة ما يتعلق بالمادة 3 من المسطرة الجنائية.
وأوضح الغلوسي أن هذا التوجه يتعزز، وفق تعبيره، بتمرير قانون الصحافة بهدف “جعل هذه الأخيرة مجرد رجع الصدى للسلطة التنفيذية”، إلى جانب تمرير قانون الإضراب، معتبراً أن الدور يأتي اليوم على مهنة المحاماة، في إطار مساعٍ تهدف إلى “تقزيم أدوارها الحقوقية والإنسانية ودور الدفاع في تحقيق العدالة”، والمس باستقلاليتها، وإخضاعها للسلطة التنفيذية في شخص وزير العدل.
وأضاف أن هذه التوجهات تسعى إلى تقليص مجال اشتغال المحامي، ووضعه “تحت سياط الخوف والتهديد بالمتابعات القضائية”، مبرزاً أن الهدف من ذلك هو “توفير الشروط والمناخ للأوليغارشية المالية لتوسع نفوذها وتتغول على الدولة والمجتمع”.
ودعا الغلوسي عموم المحامين والمحاميات إلى استيعاب خطورة ما يتم التحضير له، محذراً من “الإجهاز على حقوق الدفاع وكونية رسالة المحاماة وتقويض العدالة”، ومشدداً على أن المرحلة الراهنة هي “وقت الوحدة والتضامن والترفع عن كل الحسابات الصغيرة والضيقة والمزايدات”.
وأكد أن الظرف يفرض “وحدة الصف المهني رغم كل الاختلافات وتباين التقديرات والمواقف”، معتبراً أنه يمكن تأجيل النقاش حول ما جرى إلى وقت لاحق، في ظل ما يتهدد المهنة ورسالتها.
كما نبّه إلى أن هناك توجهاً يرمي إلى تحويل المحاماة إلى مجرد وظيفة، وتحويل المحامين إلى موظفين منشغلين بالجانب المادي والمعيشي، يشعرون أثناء ممارستهم لدورهم ورسالتهم “بالخوف وعدم الاطمئنان”، متسائلاً: “فهل يمكن للعدالة أن تُبنى تحت الخوف؟”.
وختم الغلوسي بدعوة هيئات المحامين ومختلف تنظيماتهم إلى الاتحاد للدفاع عن “حق المجتمع في العدالة”، محذراً من أن ما وصفه بـ“الأوليغارشية المالية المتغولة تطاولت على النيابة العامة وعلى الصحافة والجمعيات الحقوقية”، وتسعى اليوم إلى “استكمال الحلقة بالإجهاز على حقوق الدفاع واستقلالية مهنة المحاماة”، داعياً إلى عدم السماح بتمدد هذا التغوّل والفساد على المجتمع والدولة.