القضاء يحل جمعية بأكادير بسبب “الاحتجاج”

في خطوة غير مسبوقة، أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير، مؤخرا، حكما يقضي بحل جمعية أكادير للتنمية والدفاع عن المستهلك، مع الأمر بإغلاق جميع مقراتها ومنع اجتماعات أعضائها، وذلك استجابة لدعوى رفعتها النيابة العامة على خلفية ما اعتبرته خروجا عن الأهداف المسطرة في القانون الأساسي للجمعية، وتنظيمها وقفات احتجاجية دفاعا عما يُعرف بضحايا الهدم بسفوح الجبال.

وتعود وقائع القضية إلى 22 أبريل 2025، حين تقدمت النيابة العامة بمقال افتتاحي أمام المحكمة، استنادا إلى تقرير توصلت به من السلطات الإدارية بالمدينة، يفيد بأن الجمعية المعنية لا تحترم الضوابط القانونية المؤطرة لعملها، بعدما انخرطت في تنظيم وقفات احتجاجية للدفاع عن فئة متضررة من عمليات الهدم، في حين أن أهدافها المصرح بها تنحصر، وفق قانونها الأساسي، في حماية المستهلك من الغلاء والاستغلال والاحتكار والغش، والعمل على توعية المستهلكين بحقوقهم ومسؤولياتهم، إضافة إلى القيام بأنشطة ثقافية ورياضية وبيئية لفائدة الساكنة المحلية.

وأشار التقرير ذاته إلى أن التتبع الميداني لأنشطة الجمعية كشف أنها، منذ تأسيسها، خصصت مجمل تحركاتها لتأطير وتنظيم منخرطين ينتمون إلى ما يُعرف بضحايا الهدم بسفوح الجبال، حيث نظمت أزيد من 300 وقفة احتجاجية، بمعدل وقفة واحدة أسبوعيا، للمطالبة بالتعويض عن عمليات الهدم التي طالت مساكنهم. كما سجل التقرير أن الصفحة الرسمية للجمعية على موقع “فيسبوك” تحمل اسم “حقي في السكن”، ولا تمت بصلة لأهداف الجمعية كما وردت في نظامها الأساسي، وهو ما اعتبرته السلطات خرقا لقانون الجمعيات الذي يجيز حل أي جمعية تمارس أنشطة مخالفة لما هو منصوص عليه في قوانينها الأساسية.

في المقابل، تقدمت الجمعية بمذكرة جوابية نفت فيها ما ورد في تقرير النيابة العامة، مؤكدة أن أنشطتها تندرج ضمن الأهداف المعلنة في قانونها الأساسي، ولا سيما ما يتعلق بحماية عموم المستهلكين والدفاع عن حقوقهم، فضلا عن القيام بأنشطة متنوعة لفائدة الساكنة المحلية. وبخصوص الوقفات الاحتجاجية، شددت الجمعية على أنها تدخل في إطار الحق المشروع في الاحتجاج السلمي، دفاعا عن الحق في السكن والانتصاف، خاصة بالنسبة للمتضررين من عمليات الهدم، معتبرة أن هذا الحق مكفول دستوريا وبموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والتمست تبعا لذلك رفض طلب الحل.

غير أن المحكمة ارتأت الاستجابة لملتمس النيابة العامة، واعتمدت في حكمها على مقتضيات الفصل 36 من قانون الجمعيات، الذي ينص على إمكانية حل أي جمعية تمارس نشاطا غير ذلك المحدد في قوانينها الأساسية، بناء على طلب من النيابة العامة أو من له مصلحة. كما استندت إلى تقرير الإدارة الذي أفاد بأن الجمعية دأبت، منذ تأسيسها، على تنظيم وقفات احتجاجية دون ترخيص للدفاع عن ما تسميهم ضحايا الهدم بسفوح الجبال، وأن حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي مخصص أساسا للدعوة إلى الاحتجاج ونشر بيانات استنكارية، في تعارض واضح مع أهدافها المعلنة والمتعلقة بحماية المستهلك.

واعتبرت المحكمة أن تقرير الإدارة يكتسي صفة المحرر الرسمي الصادر عن موظفين عموميين في إطار مهامهم، ويتمتع بحجية قانونية لا يمكن الطعن فيها إلا عن طريق الزور، لتخلص في الأخير إلى الحكم بحل الجمعية، وإغلاق مقراتها، ومنع اجتماعات أعضائها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *