أصدرت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة ، مؤخرًا، أمرًا دوليًا بإلقاء القبض على رئيس مجلس إقليمي سابق بإقليم سيدي سليمان، بعدما توارى عن الأنظار فور صدور حكم نهائي في حقه يقضي بسجنه عشر سنوات نافذة، بعد إدانته بتهم خطيرة تتعلق بـتكوين عصابة إجرامية متخصصة في السرقة.
المعني بالأمر سبق أن شغل مناصب سياسية وجمعوية وازنة، من بينها عضوية المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، ورئاسة مجموعة الجماعات للبيئة بني احسن، إلى جانب توليه مهمة أمين مال جمعية رؤساء المجالس الإقليمية والعمالات. وقد تم عزله من منصبه قبل أشهر، في ظروف أثارت الكثير من الجدل.
وبعدما اقتنع قضاة محكمة النقض بثبوت الأفعال المنسوبة إليه، والمتمثلة في المساهمة في تشكيل عصابة إجرامية والضلوع في سرقات موصوفة، أُصدر في حقه حكم نهائي بعشر سنوات سجنًا نافذًا، ليصبح الحكم حائزًا لقوة الشيء المقضي به.
لكن عند توجه عناصر الضابطة القضائية إلى مقر سكنى المعني ومختلف الأماكن التي اعتاد التردد عليها، لم يُعثر له على أثر داخل التراب الوطني، ما استدعى من النيابة العامة تفعيل المساطر القانونية الخاصة بنشر أوامر الاعتقال الدولية، والتنسيق مع السلطات القضائية المختصة بالمملكة.
وتم تعميم مذكرة البحث الدولية على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، كما عمّمت برقية إلقاء القبض على منظمة الشرطة الدولية “أنتربول”، من أجل تسليمه إلى السلطات المغربية بمجرد تحديد مكان وجوده خارج الوطن.
مصادر التحقيق كشفت أن المسؤول المنتخب اختفى مباشرة بعد رفض محكمة النقض الطعن بالنقض الذي تقدمت به هيئة دفاعه، ليجد نفسه أمام حكم نهائي لا رجعة فيه، جعله في وضعية فرار رسمي.
وتعود فصول القضية إلى تورطه ضمن عصابة إجرامية خطيرة تنشط في سرقة الأسلاك النحاسية والماشية، وكانت قد أثارت حالة من الاستنفار الأمني الواسع قبل سنوات بمناطق متعددة، خصوصًا بدائرة القصيبية التابعة لإقليم سيدي سليمان.
التحقيقات أكدت أن المنتخب كان عنصرًا محوريًا في هذه الشبكة الإجرامية، بعدما أدلى عدد من الموقوفين باعترافات تفيد مشاركته الفعلية، بينما صرحت إحدى الفتيات، المتابعة في الملف بجنحة الفساد، أمام قاضي التحقيق، أن رئيس المجلس الإقليمي السابق كان من الفاعلين الأساسيين داخل العصابة.
كما تم توجيه اتهامات إضافية إليه تتعلق بأسلوب احتيالي عالي التنظيم، يقوم على استدراج رجال أعمال وتجار إلى أماكن نائية، كغابات منطقة الغرب، عبر ادعاءات كاذبة تفيد أن راعية غنم عثرت على كيس مملوء بالعملة الصعبة (اليورو) على شاطئ القنيطرة بعد انقلاب قارب دولي، وتبحث عن طريقة لصرفه بعيدًا عن المراقبة.
وعند وصول الضحايا المحتملين، يتم مباغتتهم من طرف العصابة، التي تعتدي عليهم بالسلاح الأبيض وتسلبهم ما بحوزتهم، في سيناريو مُحكم يعكس درجة كبيرة من التنظيم الإجرامي.
تجدر الإشارة إلى أن المتهم كان قد حصل على البراءة في المرحلة الابتدائية من طرف غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، لكن غرفة الجنايات الاستئنافية ألغت الحكم الابتدائي، وأدانته بالسجن عشر سنوات، رفقة عشرة متهمين آخرين، حيث بلغ مجموع الأحكام في هذا الملف 110 سنوات سجنا نافذًا.
وبعد استنفاد جميع مراحل التقاضي، أيدت محكمة النقض الأحكام الاستئنافية، لتغلق بذلك أبواب الطعن وتُصبح الأحكام نهائية في حق جميع المتورطين، بمن فيهم الرئيس الإقليمي السابق، الذي بات اليوم مطلوبًا دوليًا عبر الإنتربول