من جديد.. الجزائر ترد على التصعيد الفرنسي الأخير

في خطوة جديدة تؤكد اشتداد التوتر بين الجزائر وباريس، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بياناً ردّت فيه على رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي كلّف بموجبها حكومته باتخاذ “قرارات إضافية صارمة” تجاه الجزائر، متهما إياها بإفشال فرص التعاون وخرق الاتفاقيات.

لكن في المقابل، اعتبرت الجزائر أن باريس تحاول قلب الوقائع، والتنصل من مسؤولياتها، وتقديم نفسها ضحية في سياق دبلوماسي متأزم كانت هي أحد أسبابه الرئيسية.

ووفق البيان الرسمي الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، فإن السلطات قامت بـ”دراسة متأنية” حسب الوثيقة ذاتها، لرسالة إيمانويل ماكرون وتوضيحات الخارجية الفرنسية المقدّمة للقائم بأعمال السفارة الجزائرية بباريس، وأسفرت هذه المراجعة عن “ملاحظات أولية هامة”، أكدت من خلالها أن الرسالة الفرنسية “تبرئ فرنسا بشكل تام من كامل مسؤولياتها” في تدهور العلاقات، وتلقي باللائمة على الطرف الجزائري، وهو ما وصفته الجزائر بأنه “بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع”.

الوزارة الجزائرية أعادت التذكير، من خلال بيانها، بأن الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، بل مرت بمراحل متتالية، كانت خلالها الجزائر توضح بشكل دوري الجهات المسؤولة عن التصعيد، مشيرة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها كانت دائماً “ردود فعل مضادة” في إطار مبدأ “المعاملة بالمثل”.

كما رفض البيان الصادر عن الخارجية الجزائرية، بشكل قاطع ما وصفه بمحاولة باريس تقديم نفسها كدولة “حريصة على احترام التزاماتها”، في وقت تتهم فيه الجزائر بخرق تلك الالتزامات، معتبرة أن “فرنسا هي من انتهكت التشريعات الوطنية وخالفت ثلاث اتفاقيات ثنائية أساسية، أبرزها اتفاق 1968 المتعلق بحرية تنقل الجزائريين، واتفاق 1974 القنصلي، واتفاق 2013 المتعلق بالإعفاء من التأشيرة”.

ويشار إلى أن التصعيد الفرنسي جاء إثر موقف الجزائر المتصلب في عدة ملفات، أهمها امتناعها عن التعاون في ملفي الهجرة والأمن، ورفضها إطلاق سراح كاتبين فرنسيين من أصول جزائرية.

ماكرون، في تصريحات نقلتها صحيفة “لوفيغارو”، أشار إلى أن “السلطات الجزائرية اختارت عدم الاستجابة لنداءاتنا المتكررة”، معتبراً أن بلاده لم يعد أمامها “خيار سوى اتباع نهج أكثر صرامة”. وفعلاً، أعلن قصر الإليزيه تعليقاً رسمياً لاتفاق 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرة لحاملي الجوازات الرسمية والدبلوماسية الجزائرية، ودعا إلى توحيد الموقف الأوروبي تجاه الجزائر.

في الوقت الذي تعمل فيه باريس على تشديد الإجراءات ضد الجزائر، تسجّل الأخيرة عزلة دبلوماسية تتزايد بوتيرة ملحوظة. فحتى شركاء باريس في أوروبا، الذين تسعى فرنسا لحشدهم في موقف موحد، باتوا يستغلون هذا التوتر لتعزيز علاقاتهم الثنائية مع النظام الجزائري، كما فعلت روما التي استقبلت الرئيس تبون بحفاوة مؤخراً، ووقّعت معه اتفاقيات استراتيجية هامة.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *