في مشهد يثير الفضول وربما الجدل، بدأت ظاهرة استخدام “لهاية البالغين” أو ما يُعرف بـ”Adult Pacifier” تنتشر بشكل متزايد في بعض الأوساط، خاصة بين فئات من الشباب والمراهقين في العالم الغربي، كما بدأت تطل بخجل على المجتمعات العربية عبر منصات التواصل الاجتماعي
ورغم ارتباط اللهاية في أذهان الناس عادةً بالرضّع، فإن استخدامها من قبل البالغين يثير تساؤلات متعددة: هل هي مجرد صيحة غريبة؟ أم أن وراءها أبعادًا نفسية وثقافية أعمق؟
ما هي “لهاية البالغين”
“لهاية البالغين” هي نسخة أكبر حجمًا من اللهاية التقليدية الخاصة بالأطفال، مصمّمة لتناسب فم البالغين. تُصنع من مواد آمنة ومطاطية، وتُسوّق أحيانًا كوسيلة للاسترخاء، أو ضمن منتجات “الراحة النفسية”، بل وأحيانًا ضمن ثقافة الـ”ASMR” أو كأدوات ضمن أنماط معينة من أساليب الحياة أو الفتيش.
الدوافع النفسية والاستخدامات
يرى عدد من الأطباء النفسيين أن بعض الأشخاص يستخدمون هذه اللهايات كوسيلة لتخفيف القلق أو التوتر، خاصة في حالات اضطرابات مثل التوتر المزمن أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). فحركات المصّ المتكررة يمكن أن تمنح شعورًا بالراحة نتيجة لاسترجاع إحساس الطفولة أو الأمان.
كما ترتبط هذه الظاهرة أحيانًا بثقافة تُعرف باسم “التحول العمري” (Age Regression)، حيث يتعمّد بعض البالغين تقمّص سلوكيات الطفولة مؤقتًا للهروب من ضغوط الحياة المعاصرة.
ظاهرة على تيك توك والمنصات
انتشرت مقاطع فيديو على تطبيقات مثل “تيك توك” و”إنستغرام” لأشخاص يستخدمون اللهاية علنًا، سواء بشكل ساخر أو جاد. وقد حصدت هذه المقاطع ملايين المشاهدات، مثيرة موجة من الجدل بين من يعتبرها حرية شخصية، وآخرين يرون فيها سلوكًا غير مألوف أو حتى غير لائق اجتماعيًا.
ردود فعل المجتمع
المجتمعات تختلف في تقبّل هذه الظاهرة، ففي حين يعتبرها البعض جزءًا من “ثقافة الراحة النفسية”، يرى آخرون أنها انعكاس لمستوى مرتفع من الضغوط النفسية التي تدفع الأفراد للبحث عن وسائل بديلة للشعور بالأمان. وهناك من يعتبرها مجرّد موضة زائفة، لا تلبث أن تزول مع الوقت، كغيرها من الظواهر التي تظهر عبر الإنترنت.
رأي المختصين
تحذر بعض الأصوات الطبية من الإفراط في استخدام مثل هذه الأدوات دون وعي، لأنها قد تكون دليلاً على مشاكل نفسية أعمق تستحق المتابعة والعلاج الحقيقي. في المقابل، يرى آخرون أنها قد تكون وسيلة مؤقتة غير ضارة، إذا ما استُخدمت بشكل واعٍ ولأغراض الراحة فقط.
في النهاية، تبقى “لهاية البالغين” ظاهرة مثيرة للجدل، تعكس تزايد الحاجة إلى الراحة النفسية والهروب من الضغوط، لكنها تفتح أيضًا الباب للنقاش حول تأثيرات الإنترنت على تشكيل سلوكياتنا، وحدود ما يمكن اعتباره طبيعياً في زمن تتغير فيه القيم والسلوكيات بسرعة غير مسبوقة