تشهد واحات الجنوب الشرقي للمملكة، وعلى رأسها إقليم زاكورة، موجة حرائق متكررة خلال فصل الصيف، مخلفة خسائر فادحة في أرزاق الفلاحين وفي المنظومة البيئية الهشة.
ولعل آخر هذه الكوارث البيئية اندلع قبل أيام بدوار اسفالن، التابع لجماعة أفلاندرا بقيادة تانسيفت، حيث أتى حريق مهول على مساحات شاسعة من أشجار النخيل والمحاصيل الزراعية، مخلفاً وراءه صدمة قوية في صفوف السكان المحليين، وخسائر مادية باهظة، دون أن ترافقها أي مؤشرات عن وجود تدخلات ناجعة أو تعويضات وشيكة للفلاحين المتضررين.
وفي ظل تكرار هذه الحرائق بنفس النمط والزمن، وغياب أي إجراءات استباقية لحماية الواحات، تعالت الأصوات المدنية والسياسية مطالبة الحكومة بتدخل فوري لإنقاذ ما تبقى من هذا الإرث البيئي والحضاري.
فقد وصفت هيئات مدنية وبيئية ما يجري في واحات الجنوب بـ”الجريمة الإيكولوجية” التي تنذر بانقراض تدريجي لهذا التراث الوطني، مستنكرة “العجز” في مواجهة كارثة تتكرر كل سنة وتضرب في العمق أسس العيش الكريم لآلاف الأسر المعتمدة كليًا على الفلاحة الواحية.
وطالبت حركات بيئية بفتح تحقيق شفاف وجدي حول ملابسات هذه الحرائق المتكررة، مع تحديد المسؤوليات واتخاذ إجراءات استعجالية لحماية ما تبقى من واحات المملكة. كما دعت إلى مساءلة من ساهم في إهمال هذه المناطق وتركها عرضة للحرائق الموسمية، في ظل ضعف التجهيزات وغياب بنية حقيقية لمكافحة هذه الكوارث الطبيعية.
تفاعلاً مع هذه الكارثة، وجه النائب البرلماني الحسين وعلال عن فريق التجمع الوطني للأحرار سؤالاً كتابياً إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، طالب فيه بالكشف عن الإجراءات الفورية التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتعويض المتضررين جراء الحريق الذي شهدته واحة دوار اسفالن. كما شدد على ضرورة تقييم حجم الخسائر بشكل دقيق، والإسراع في معالجة آثارها النفسية والمادية على الفلاحين.
البرلماني وعلال تساءل أيضاً عن وجود استراتيجية وطنية فعالة لحماية الواحات من الحرائق المتكررة، داعياً إلى تبني مقاربة شمولية تُراعي الخصوصية المناخية والجغرافية للمنطقة، وتُمكن من التصدي الاستباقي لمخاطر الحرائق، مؤكدا أن استمرار هذا الوضع يهدد بكارثة بيئية واجتماعية، تستوجب رداً حكومياً عاجلاً يعيد الأمل إلى الساكنة ويعزز ثقتها في الدولة ومؤسساتها.