قال النائب البرلماني عمر اعنان، عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إن مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة لا يستجيب لمتطلبات الديمقراطية الإعلامية، بل يتضمن مقتضيات تقوض استقلالية المهنة، وتبتعد عن الغايات المعلنة للمشروع.
وأضاف خلال الجلسة التشريعية المنعقدة اليوم الثلاثاء، أن ما كان يُنتظر من المشروع هو تقوية تدخلات المجلس الوطني للصحافة، عبر ترسيخ قيم الحرية والاستقلالية والمهنية والتعددية، غير أن النص المعروض جاء محكوما بنزعة الضبط والرقابة، بدل تنظيم المهنة وتأطيرها.
وانتقد اعنان ما اعتبره تسريعا غير مبرر لمسطرة اعتماد المشروع في أسابيع قليلة قبل نهاية الدورة البرلمانية، معتبرا أن الحكومة تعمدت تغييب النقاش الحقيقي، وسلكت مسلكا انفراديا في صياغة نص قانوني بالغ الأهمية، ضدا على المقاربة التشاركية التي تلتزم بها في خطابها السياسي.
وتابع النائب البرلماني باسم الفريق الاشتراكي أن المشروع، بدل أن يُعزز التنظيم الذاتي للمهنة، كما نص على ذلك دستور 2011، جاء بمقتضيات تمس صلب هذا المبدأ، من خلال تهميش آليات الانتخاب الحر وتعويضها بصيغة “الانتداب”، مما يمس جوهر التمثيلية الديمقراطية، لا سيما في ما يتعلق بفئة الناشرين الذين سيُنتدب ممثلوهم، في مقابل انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، في مخالفة صريحة لمبدأ المساواة داخل الهيئة التنظيمية.
وأشار اعنان إلى أن اعتماد نمط الاقتراع الفردي الاسمي بدل النمط اللائحي يُضعف شرعية التمثيل ويقلص من دور النقابات المهنية، داعيا إلى مراجعة هذا التوجه لما له من آثار سلبية على الحريات النقابية والتمثيلية المهنية، مشددا على ضرورة احترام التزامات المغرب الدولية في هذا المجال.
وانتقد النائب البرلماني تغييب الصحافة الجهوية والمحلية من تركيبة المجلس، وغياب أي مقتضى يضمن تمثيلية النساء الصحافيات، معتبرا أن هذا التوجه يعكس رغبة في تكريس مركزية نخبوية تتنافى مع التعددية الإعلامية، ويفرغ المجلس من طابعه التعددي.
كما حذّر اعنان من الصلاحيات الواسعة التي منحها المشروع للمجلس في الجانب التأديبي، مشيرا إلى أنها سلطات فضفاضة تميل نحو العقوبة والزجر أكثر مما تميل إلى التنظيم وتأطير أخلاقيات المهنة، وهو ما يُحول المجلس إلى آلية رقابة سياسية على الصحافة، بدل أن يكون مؤسسة للدفاع عن حرية التعبير وحقوق المهنيين.
واعتبر أن المشروع ابتعد عن روحه الأصلية، التي كان من المفترض أن تُعزز البناء الديمقراطي والمؤسساتي للإعلام بالمغرب، ليفتح الباب أمام قانون يخضع لمنطق الضبط أكثر من منطق التنظيم، مضيفا أن الفريق الاشتراكي ظل طيلة مسار مناقشة المشروع يدافع عن قيم حرية التعبير والتمثيلية الحقيقية والاستقلالية المؤسساتية.
وختم عمر اعنان كلمته بالتأكيد على أن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية سيصوت بالرفض على هذا المشروع، لأنه لا يكرس حرية التعبير ولا يعزز استقلالية الصحافة، بل يكرس نمطا رقابيا يتناقض مع الدستور ومع روح الدولة الديمقراطية الحديثة.