عاد ملف الإثراء غير المشروع إلى واجهة النقاش التشريعي بقوة، بعدما تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمقترح قانون شامل يروم سد ثغرات وصفها بـ"القاتلة" في المنظومة القانونية الحالية، والتي تتيح لبعض المسؤولين الاغتناء دون حسيب أو رقيب.
ويهدف هذا المقترح إلى تجريم الإثراء غير المشروع عبر اعتماد مقاربة شاملة، تتجاوز العقوبات الزجرية إلى إرساء منظومة متكاملة تقوم على الوقاية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويعرّف النص الجريمة باعتبارها كل زيادة كبيرة وغير مبررة في الذمة المالية لشخص مُلزم بالتصريح بالممتلكات، بما في ذلك أفراد أسرته، ويجعل من الامتناع أو الكذب في التصريح قرينة قانونية لفتح تحقيق رسمي.
ويتضمن المقترح فصولًا مفصلة تنص على عقوبات حبسية تصل إلى خمس سنوات، وغرامات تُضاعف قيمة الأموال غير المشروعة، مع إمكانية تجريد المخالف من الأهلية لتولي مناصب عمومية. كما يتضمن عقوبات على محاولات إخفاء الثراء بالسجن والغرامة، ويفرض التصريح الدوري بالممتلكات وتحديد وضعية تضارب المصالح، مع عدم سقوط المتابعة بالتقادم أو بانتهاء المهام، بل وحتى بعد الوفاة.
وتشمل دائرة الأشخاص المعنيين بالقانون، إلى جانب المسؤولين العموميين، رؤساء وأمناء المال بالأحزاب والنقابات والجمعيات، وكل من له سلطة على المال العام أو التأثير في صرفه. كما يُخول المقترح للمجلس الأعلى للحسابات وقضاته المتخصصين صلاحيات واسعة في التدقيق، ويمنح للنيابة العامة إمكانية الحجز الاحتياطي ومنع المشتبه فيهم من مغادرة البلاد.
ويُعد المقترح، بحسب الفريق الاشتراكي، خطوة عملية لنقل معركة محاربة الفساد من الخطابات إلى التشريع، بعدما سبق للحكومة أن سحبت مشروعًا سابقًا كان يُجرم الإثراء غير المشروع بفصل يتيم، ما اعتُبر آنذاك دليلًا على ضعف الإرادة السياسية في مواجهة الفساد المستشري.