منظمة تحذر: عمال البناء والزراعة تحت رحمة موجات الحر القاتلة

حذرت المنظمة الديمقراطية للشغل، عبر مكتبها التنفيذي، من المخاطر الجسيمة التي تتهدد عمال البناء والعاملات في الضيعات الفلاحية بعدة جهات بالمغرب جراء موجات الحر الشديدة والإجهاد الحراري، مؤكدة أن هذه الظروف تزيد من معاناة فئات عمالية كثيرة بسبب غياب إجراءات وقائية كافية.

وأوضحت المنظمة أن التغيرات المناخية أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، مما يعرض عمال الميدان في قطاعات البناء والزراعة لخطر الإصابة بضربة شمس وأمراض مزمنة قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، لا سيما مع تجاوز درجات الحرارة أحيانًا 45 درجة مئوية، إضافة إلى ساعات العمل الطويلة وغياب فترات الراحة المناسبة. وأكدت أن أكثر من 40% من هؤلاء العمال غير مشمولين بالحماية الاجتماعية وغير مسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يزيد من هشاشة وضعيتهم.

وعلى الرغم من إطلاق وزارة الصحة والحماية الاجتماعية خطة للتعامل مع تداعيات الإجهاد الحراري من خلال توفير قاعات مكيفة وأدوية وتعزيز الأطر الطبية والتمريضية، فإن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والابتكار، المسؤولة مباشرة عن حماية حقوق العمال، "انسحبت بشكل غير مسؤول"، بحسب المنظمة، متجاهلة التحذيرات والمطالب النقابية بوضع خطة وقائية عاجلة تشمل الشراكة مع أرباب العمل للالتزام بالقوانين الوطنية ومعايير منظمة العمل الدولية.

وأكدت المنظمة أن غياب هذه الإجراءات وتزايد موجات الحر يعرض العمال في الأوراش والمشاتل الزراعية وجني المحاصيل إلى ظروف عمل قاسية ومهددة للحياة، وسط انتهاكات لحقوقهم المهنية والإنسانية من قبل بعض أرباب العمل الذين لا يخضعون لمراقبة أو عقاب.

ودعت المنظمة الديمقراطية للشغل رئيس الحكومة إلى التدخل العاجل لإلزام جميع المشغلين والشركات بالامتثال للمادة 24 من مدونة الشغل واتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية، وطالبت بفرض إجراءات وقائية صارمة تشمل تعديل ساعات العمل لتجنب الفترة ما بين العاشرة صباحًا والرابعة مساءً، أو تعليق العمل عند تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، وتوفير بيئة عمل آمنة ومظللة، ومياه شرب باردة، وملابس وقائية مناسبة.

كما طالبت بتطوير النصوص التشريعية لتشمل الوقاية خلال موجات الحر، وتفعيل التفتيش الميداني، وحماية العمال غير المسجلين في الضمان الاجتماعي، وفرض عقوبات وغرامات رادعة ضد المخالفين، وتعويض العمال المتضررين، وضمهم إلى التغطية الاجتماعية التي تشمل التأمين الصحي والتقاعد وتأمين الحوادث المهنية، مع التركيز على التوعية والتدريب على التعرف على أعراض الإجهاد الحراري وطرق الوقاية منه.

وأبرزت المنظمة أهمية الإسعافات الأولية السريعة من خلال لجان الصحة والسلامة المهنية، التي يجب أن توفر الإسعافات اللازمة للمصابين بالإجهاد الحراري من تبريد الجسم ونقل المصاب إلى مكان مظلل مع توفير الماء البارد والاتصال بسيارة الإسعاف.

واختتم المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل بيانه بالقول: "الصحة المهنية ليست رفاهية، بل حق أساسي يفرض علينا مواجهة تحديات التغير المناخي بخطط استباقية تحمي كرامة الإنسان".