رغم تصريحات "الانسجام" بين مكوناتها..هناك ضربات متبادلة تحت الحزام بين أحزاب الأغلبية
خلافات بعض احزاب الاغلبية الحكومية قد تتجاوز سوء تفاهم إداري إلى صراع سياسي بين مكونين رئيسيين في الأغلبية الحكومية، كما يتجسد في تصريحات وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور التي القت بظلالها على العلاقة المتوترة بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، خاصة في جهة بني ملال خنيفرة. فعمور، المنتمية إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، لم تُخف استياءها من تصريحات رئيس الجهة، عادل بركات، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، والذي اتهم الوزارة بعدم التفاعل مع مشاريع الجهة.
ردا على بركات !
ورغم أن الوزيرة تحدثت بلغة تقنية حول الإنجازات المحققة في القطاع السياحي، إلا أن لهجتها الحادة في الرد على "منتخب في بني ملال" كانت واضحة في دلالاتها السياسية، وكأنها توجه رسالة إلى قيادة "الجرار" مفادها أن الاشتغال في الميدان لا يخضع للمزايدات الحزبية، وأن منطق العمل المؤسساتي هو الفيصل في تنزيل المشاريع.
ويأتي هذا التوتر في سياق حديث داخل الأوساط السياسية عن برود في العلاقة بين مكوني الأغلبية، خاصة بعد توالي الانتقادات المتبادلة، سواء داخل البرلمان أو عبر الإعلام، بشأن تدبير عدد من الملفات القطاعية والجهوية، لاسيما مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
فبينما يرى الأصالة والمعاصرة أن بعض وزراء الأحرار ينفردون بالقرارات ولا يُشركون باقي الشركاء، يردّ التجمعيون بأنهم يشتغلون على أساس كفاءات وتفويض واضح من رئيس الحكومة، وليس على أساس المحاصصة أو المجاملة الحزبية.
صراعات القادة "الباميين" ووزراء الأحرار
ويبدو أن جهة بني ملال خنيفرة، التي يرأسها أحد أبرز وجوه "البام"، باتت إحدى النقاط الساخنة التي تظهر فيها هذه الخلافات بشكل جلي، خصوصاً عندما تتحول المشاريع التنموية إلى مادة سجالية بين وزراء الحكومة ورؤساء الجهات، إلى جانب عودة هشام المهاجري للمكتب السياسي لـ"البام"، وتصريحاته المثيرة بمجلس النواب، بحيث هاجم أكثر من مرة قيادات ووزراء الأحرار، لعل اخرهم مصطفى بايتاس، وقبله لحسن السعدي.
غير أن اللافت في تصريح الوزيرة عمور هو تأكيدها على أن “المشاريع لا تسقط من السماء”، في إشارة إلى أن هناك مجهوداً حكومياً واستراتيجياً كبيراً وراء الدينامية التي تعرفها بعض الجهات، بما فيها بني ملال خنيفرة، وأن الوزارة تشتغل بناءً على مخططات واضحة وتعاون مؤسساتي لا يحتمل التأويلات السياسية الضيقة.
في المحصلة، يبدو أن الخلاف بين وزيرة السياحة ورئيس جهة بني ملال خنيفرة ليس مجرد سوء تفاهم حول ملفات تقنية، بل هو امتداد لصراع خفي داخل التحالف الحكومي، قد يطفو على السطح كلما اقتربت الاستحقاقات السياسية أو تقاطعت المصالح الحزبية مع الأولويات التنموية، بحيث يظهر الأمر جليا في تصريحات المسؤولين، بالرغم من البلاغات الحكومية التي تؤكد أن الأمر بخير بين مكونات التحالف، لكن التراشقات الإعلامية تظهر بعدا اخر للصراع، قبيل سنة من الانتخابات.
لمهاجري وعودته لـ"الهجوم" على وزراء الأحرار !
ولا يمكن أيضا قراءة هذه التراشقات بمعزل عن تصريحات لمهاجري، في لقاء بني ملال، بحيث أثارت أولى خرجات البرلماني عن شيشاوة، ضمن أنشطة المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة جدلاً واسعاً، بعدما وجّه انتقادات لاذعة لحزب التجمع الوطني للأحرار خلال ندوة وطنية نظمتها لجنة السياسات العمومية ببني ملال، يوم السبت 14 يونيو الجاري.
المهاجري، الذي "عُيِّن" مؤخراً ضمن المكتب السياسي للبام، لم يتوانَ في مهاجمة خصومه داخل الأغلبية الحكومية، متهماً بعضهم بتغليب التهريج والتطبيل على حساب الجدية في العمل السياسي، في إشارة مباشرة إلى لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية ورئيس شبيبة الأحرار، الذي عُرف برقصته الشهيرة على أنغام "مهبول أنا غادي فالطُرُوت".
واعتبر المهاجري أن حزب الأصالة والمعاصرة يشتغل من خلال الصراع السياسي والمعارك الميدانية، وليس عبر التمجيد والمظاهر الفارغة، واستشهد برئيس جهة بني ملال خنيفرة، عادل بركات، الذي وصفه بأنه "قاد معارك حقيقية" انطلاقاً من أزيلال، حتى وصل إلى مجلس المستشارين وترؤس الجهة.
وخاطب الحاضرين قائلاً إن من واجبهم مساءلة المنتخبين ومحاسبة الحكومة، مشدداً على ضرورة النقد البناء بدل المجاملة، ومطالباً المواطنين بالتعبير عن آرائهم بحرية دون تردد أو خوف.
وفي سياق حديثه عن مسار تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، اعتبر المهاجري أن تجربة البام كانت فريدة من نوعها، مشيراً إلى أن مؤسسي الحزب لم يبحثوا عن المناصب بل جاؤوا من مواقع المسؤولية نحو خدمة المجتمع، مستحضراً في هذا الإطار تجربة أول أمين عام للحزب، محمد الشيخ بيد الله، الذي سبق أن شغل مناصب وزارية ووالي وبرلماني.
هذه الخرجة السياسية الحادة تعكس أجواء التوتر التي بدأت تطفو على السطح داخل الأغلبية الحكومية، خصوصاً بين مكوني الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، في ظل صراعات خفية حول المواقع والنفوذ، وتباين في الرؤى حول طريقة إدارة العلاقة مع المواطنين والمنتخبين في الجهات.