الجزائر تواجه عزلة حقيقية.. طرد عنصري أمن فرنسيين في خطوة "حمقاء" للنظام العسكري
في تصعيد جديد يُضاف إلى سلسلة التوترات بين الجزائر وفرنسا، أقدمت السلطات الجزائرية على طرد عنصرين من جهاز الأمن الداخلي الفرنسي (DGSI) بعد دخولهما الأراضي الجزائرية باستخدام جوازات دبلوماسية، دون اتباع الإجراءات القانونية المتفق عليها. وجاء القرار، الذي نقلته القناة الحكومية "AL24 News"، ضمن إطار اتهامات جزائرية لباريس بـ"خرق السيادة" و"التلاعب بالبروتوكولات الدبلوماسية"، في وقت تواجه فيه الجزائر عزلة إقليمية متزايدة جراء سياستها المتصلبة.
ووفقًا للمصادر، فإن العنصرين المطرودين، التابعين لوزارة الداخلية الفرنسية برئاسة برونو لوبتو، حاولا الدخول دون إخطار مسبق، مما دفع الجزائر إلى إعلانهما "شخصين غير مرغوب فيهما"، في خطوة تُعتبر استفزازية تجاه باريس. وتُوجّه الجزائر اتهامات مباشرة إلى الوزير الفرنسي بالوقوف خلف "مناورة غير قانونية"، في إشارة إلى انتهاك اتفاقيات فيينا والمعاهدات الثنائية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
هذا التصعيد لم يأتِ من فراغ، بل يأتي بعد أسابيع فقط من قرار الجزائر طرد 12 موظفًا فرنسيًا من السفارة الفرنسية في الجزائر، ردًا على حبس القضاء الفرنسي لموظف قنصلي جزائري متورط في قضية اختطاف الناشط أمير ديزاد. ومن اللافت أن المُطرودين الفرنسيين كانوا مختصين في ملفات حساسة مثل مكافحة الإرهاب والهجرة، مما يكشف عن حجم الخلاف الأمني بين الجانبين.
ردت فرنسا على القرار الجزائري باستدعاء سفيرها في الجزائر للتشاور، وهي خطوة لم تُسجل منذ استقلال البلاد عام 1962، كما قررت طرد عدد مماثل من الدبلوماسيين الجزائريين، في تأكيد على أن العلاقات بين البلدين بلغت أدنى مستوياتها. وتُعزى هذه الأزمة إلى جذور أعمق، أبرزها اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء العام الماضي، ما أثار غضب النظام الجزائري الداعم لجبهة "البوليساريو"، وكشف عن هشاشة موقفه الإقليمي.
اليوم، يبدو أن الجزائر، التي تعاني من أزمات داخلية خانقة، تُفضّل تصدير أزماتها عبر استعداء الجوار، بدلًا عن معالجة اختلالاتها الداخلية. فهل تكون هذه الخطوة بداية لانهيار أكبر في علاقاتها مع الشركاء الدوليين، أم أنها مجرد مناورة لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة؟ الساحة الإقليمية تُشير إلى أن الجزائر تخسر حلفاءها واحدًا تلو الآخر، فيما تُصرّ على سياسة المواجهة التي لم تُجْدِ نفعًا.