تشهد كواليس الحكومة حالة انسداد سياسي وتقني عطلت إحالة مشاريع قوانين جاهزة على المجلس الحكومي، بحسب ما كشفت عنه مصادر جريدة “الصباح”. أبرز المتضررين من هذا الوضع هما عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وزميله في حزب الأصالة والمعاصرة المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل.
مصادر الجريدة أكدت أن بنسعيد اضطر إلى رفع شكاية رسمية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش عبر آلية التحكيم، بعدما انتظر لأكثر من شهرين الإفراج عن ثلاثة مشاريع قوانين تهم إصلاح قطاع الصحافة، تشمل قانون الصحافة والنشر، قانون المجلس الوطني للصحافة، وقانون الصحافي المهني. بنسعيد يخشى الآن من تأجيل مسطرة المصادقة إلى دورة أكتوبر البرلمانية، التي تشهد ازدحاماً تشريعياً بسبب قانون مالية 2026 والميزانيات القطاعية، مما قد يؤخر هذه القوانين شهوراً إضافية.
في المقابل، يواجه عبد اللطيف وهبي اعتراضات قوية على بعض فصول مشاريعه، خصوصاً مشروع القانون الجنائي، الذي يسعى لجعله حداثياً ومدافعاً عن الحريات الفردية من دون قيود. لكن هذا التوجه يصطدم بمقاومة شرسة من جهات محافظة مؤثرة داخل الدولة، تسعى إلى فرملة هذا المسار، معتبرة أن الحداثة يجب أن تظل منسجمة مع التقاليد.
الغضب لم يقف عند حدود وزيري الأصالة والمعاصرة؛ إذ كشفت المصادر ذاتها أن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، عبر عن استيائه هو الآخر من بطء تنزيل قراراته بخصوص منع شركات متعثرة من المشاركة في صفقات مشاريع كبرى، بينها تلك المرتبطة بأوراش مونديال 2030، بعدما وضعت في لائحة سوداء بسبب فشلها سابقاً في إتمام مشاريع تنموية وتأخرها لأشهر.
داخل الأغلبية الحكومية، يتحفظ قادة حزب الاستقلال بشدة على مقترحات وهبي، معتبرين أن مشروع القانون الجنائي لا يمكن مناقشته في المجلس الحكومي قبل الاطلاع عليه داخل اجتماع مصغر للأغلبية. الاستقلاليون يخشون الصدام مع القواعد المحافظة التي تصوت لهم عادة، ويصرون على أن بصمة وزارتهم، وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، يجب أن تكون واضحة في تعديل مدونة الأسرة وربطها بالقوانين الجنائية والمدنية.
وسط هذه التعقيدات، يبدو أن شعار “تمغرابيت” أصبح ساحة تنافس محتدم بين مكونات المشهد الحزبي، فيما تظل رهانات الإصلاح معلقة في انتظار فك هذا البلوكاج السياسي.