في خطوة تشريعية تهدف إلى تنظيم قطاع التجارة الإلكترونية بالمغرب، تقدم عدد من النواب المنتمين للفريق الحركي بمجلس النواب بمقترح قانون لتعديل وتتميم القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، وذلك لمواكبة التحولات الرقمية المتسارعة وضمان بيئة قانونية أكثر أمانًا وشفافية للمتعاملين عبر الإنترنت.
المبادرة التي توصل بها مكتب المجلس وأُعلن عنها خلال جلسة عمومية، ترمي إلى سد الثغرات القانونية التي لا تزال تُعيق تنظيم التجارة الرقمية، مع التركيز على حماية حقوق المستهلك في ظل تزايد التحديات المرتبطة بهذا المجال الحيوي.
تنظيم عاجل لقطاع رقمي متنامٍ
وأكد مقدمو المقترح، ومنهم النواب إدريس السنتيسي، محمد والزين، ومحمد هيشامي، أن النص التشريعي يستجيب للواقع الجديد الذي أفرزته الدينامية المتزايدة للتجارة الإلكترونية في المغرب، والتي أصبحت تلعب دورًا محوريًا في السلوك الاستهلاكي للمواطنين، دون أن تقابلها تشريعات تضمن الحماية القانونية الكافية.
ويهدف المقترح أساسًا إلى تفعيل آليات قانونية جديدة تضمن للمستهلكين حقوقًا أساسية، منها الحق في التراجع عن الشراء، والحماية الفعلية للبيانات الشخصية، وتوفير معلومات دقيقة عن المنتجات والخدمات، فضلاً عن إلزام المنصات الرقمية بتوفير وسائل دفع آمنة ومضمونة.
تحديات قانونية وممارسات غير شفافة
تشير مذكرة تقديم المقترح إلى أن التوسع السريع في التجارة الإلكترونية بالمغرب، والذي أصبح يشكل ركيزة اقتصادية مهمة، لم يُواكب بإطار قانوني متكامل يضبط المعاملات الرقمية ويمنع الممارسات غير العادلة، ما أدى إلى تعرض العديد من المستهلكين لعمليات تضليل، أو حتى استغلال.
ولفت النواب إلى أن ضعف التشريعات الحالية وغياب قواعد تنظيمية واضحة، يفتح المجال أمام اختلالات عدة، مشددين على ضرورة تقنين القطاع بما يضمن توازنًا بين النمو الاقتصادي الرقمي وحماية المستهلك.
حقوق المستهلك: إلغاء الشراء ودعم دائم
وبموجب تعديل المادة 6-44، يمنح المقترح للمستهلكين حق التراجع عن عمليات الشراء التي تتم عبر الإنترنت خلال أجل لا يتجاوز 14 يومًا من استلام المنتج أو الخدمة، شريطة عدم استخدامها. كما تُلزم المادة 7-44 منصات التجارة الإلكترونية بتقديم عقد شراء مفصل يتضمن كل الشروط المرتبطة بالعملية قبل الدفع.
وفي الجانب المتعلق بخدمات ما بعد البيع، تنص المادة 8-44 على وجوب توفير خدمة دعم الزبائن على مدار الساعة، والرد على استفسارات وشكاوى المستهلكين في أجل أقصاه 48 ساعة.
حماية المعطيات الشخصية: أولوية قانونية
وتطرق المقترح أيضًا إلى مسألة حماية البيانات الشخصية، عبر فرع مخصص يشدد على ضرورة امتثال منصات التجارة الإلكترونية لمقتضيات القانون رقم 09.08، من خلال الالتزام بجمع البيانات فقط عند الضرورة، واستخدام أدوات التشفير والحماية الرقمية، ومنع مشاركة البيانات مع جهات ثالثة دون موافقة صريحة من المستهلك.
كما تنص المادة 10-44 المعدّلة على ضرورة إبلاغ المستهلك بطريقة واضحة بكيفية استخدام بياناته، والأغراض من تخزينها، والظروف التي يمكن استخدامها فيها لاحقًا.
تفعيل تدريجي وسد للفراغ القانوني
وتنص الوثيقة التشريعية على أن كل نص قانوني يتعارض مع أحكام المقترح الجديد يُعتبر ملغى، على أن يدخل القانون حيز التنفيذ بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، بما يمنح الفاعلين في القطاع الرقمي فترة انتقالية لتكييف أنشطتهم مع المقتضيات الجديدة.
ويُنتظر أن يُحال المقترح على اللجنة البرلمانية المختصة للدراسة والمصادقة، وسط توقعات بأن يحظى بتفاعل إيجابي من مختلف الفرق البرلمانية، بالنظر إلى حساسية الموضوع وارتباطه المباشر بحماية ملايين المتعاملين المغاربة في الفضاء الرقمي.