تستعجل الحكومة المصادقة على مشروع القانون المنظم لممارسة الحق في الإضراب، وذلك بالتزامن مع تصعيد المركزيات النقابية التي أعلنت خوض إضراب وطني عام غدا الأربعاء، بسبب عدد من المطالب وفي مقدمتها رفض مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وفي هذا السياق، صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب على مشروع القانون المذكور في إطار القراءة الثانية، اليوم الثلاثاء 04 يناير 2025، بعدما صادق عليه مجلس المستشارين بالأغلبية أمس الاثنين.
وأكدت مصادر خاصة لبلبريس أن مشروع القانون السالف الذكر، سيتم التصويت عليه في جلسة تشريعية بمجلس النواب مرتقبةاليوم الأربعاء 05 فبراير 2025، في إطار القراءة الثانية للمشروع، والتي تعتبر المرحلة الأخيرة في المسار الذي يسلكه مشروع القانون قبل نشره في الجريدة الرسمية.
وفي غضون ذلك، دعا رئيس مجلس النواب، في بلاغ اليوم الثلاثاء، النائبات والنواب للحضور إلى الجلسة العمومية التي سيعقدها المجلس اليوم الأربعاء في الساعة العاشرة صباحا، والتي خصصت للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية الجاهزة. وذلك بالموازاة مع تنفيذ النقابات إضرابًا وطنيًا عاما احتجاجًا على مضامين هذا القانون، التي تعتبره “تقييدًا للحريات النقابية وتراجعًا عن مكتسبات العمال”.
يونس السكوري:الحكومة قبلت معظم التعديلات المقترحة من الشركاء الاجتماعيين
قال يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في كلمته خلال جلسة التصويت على المشروع، إن الحكومة قبلت معظم التعديلات المقترحة من الشركاء الاجتماعيين، بما يحقق التوازن في هذا القانون، عبر تعريف أشمل للإضراب.
وأوضح أن الحق في الإضراب يشمل جميع فئات المجتمع بدون استثناء، سواء من العاملين في القطاع الخاص أو العام أو المستقلين، وكل من هو مستثنى من مدونة الشغل، والعاملات والعمال المنزليين، وكذا من المهنيين.
وأكد الوزير أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب يقدم ضمانات تحمي حقوق العاملات والعمال، وحرية العمل وحقوق المشغلين، وحقوق المجتمع.
ولفت إلى مراعاته المقتضيات الدستورية ذات الصلة بضمان حق الإضراب وضمان حرية المبادرة والتنافسية وحرية العمل، بالإضافة إلى الحريات النقابية، مشيرا إلى أن مشروع القانون سيعمل على ضمان استمرار عمل المرافق العامة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من حقوق المجتمع.
أحمد التويزي : قانون الإضراب بصيغته الحالية يشجع الإستثمار ويوسع الحريات النقابية
أكد احمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن “مشروع قانون الإضراب حظي بمشاورات واسعة قبل التصويت عليه داخل البرلمان مع الفرقاء الإجتماعيين ومر من جميع المساطر التشريعية”.
وشدد التويزي ، على أن يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات نهج مقاربة تشاركية خلال وضع مشروع القانون مع النقابات الممثلة في غرفتي البرلمان وفرق الأحزاب السياسية”.
وأشار إلى أنه “منذ الاستقلال لم تستطع اي حكومة إخراج القانون للوجود”، مؤكد أن “دستور 2011 نص على إخراج النص التنظيمي لقانون الإضراب لكن حكومة البيجيدي فشلت في وضعه بعد خمس سنوات من التصويت على دستور 2011”.
وتابع رئيس الفريق أن “حكومة البجيدي وضعت في سنة 2016 نصا تنظيميا مجحفا يتضمن عقوبات سالبة للحرية وغرامات خيالية في حق المضربين”، مشيرا إلى أن “جميع المواد التي كانت ضد مصالح الشيغلة تم تعديلها من طرف مشروع القانون الذي قدمه الوزير السكوري”.
الميلودي موخاريق:قانون الاضراب تكبيلي تراجعي مناف للدستور ويضرب حقا من حقوق الإنسان
وقال الميلودي موخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في تصريحات صحافية "الدعوة إلى إضراب عام وطني في الوظيفة العمومية، والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والقطاع الخاص في الصناعة والخدمات والفلاحة.. وكذلك دعوة إلى التجار والحرفيين إلى خوض هذ الإضراب احتجاجا على السلوك الحكومي اللامسؤول تجاه الطبقة العاملة والحركة النقابية وعموم الفئات الشعبية".
وأضاف "كل يوم نستيقظ على إيقاع الزيادة في الأسعار، وتقف الحكومة موقف المتفرج بإعطاء الضوء الأخضر للمضاربين وذوي المصالح وذوي الجاه وذوي المال على حساب الشعب المغربي".
كما وصف القانون الجديد للإضراب بأنه "قانون تكبيلي تراجعي مناف للدستور ويضرب حقا من حقوق الإنسان وهو حق الاحتجاج".
يونس فيراشين: إضراب 5 فبراير “ملتمس رقابة شعبي” ضد الحكومة
قال القيادي في نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يونس فيراشين أن الإضراب العام ليوم غد الأربعاء 5 فبراير يشكل “حدثا سياسيا و ملتمس رقابة شعبي ضد الحكومة”.
وتابع فيراشين في منشور له “وقد اقترن الإضراب العام تاريخيا بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، و من أبرز الاضرابات العامة التي وسمت التاريخ الاجتماعي ببلادنا إضراب 30 مارس 1979 و إضراب 20 يونيو 1981 وكذلك إضراب 14 دجنبر 1990”.
وخلص النقابي ذاته “الإضراب العام حراك اجتماعي و نقطة نظام سياسية موجهة للدولة و حكومتها، لذا يجب أن نتعبأ جميعا عمال و موظفين و مستخدمين و تجار و مهنيبن و كذلك الطلبة و باقي فئات و شرائح المجتمع المتضررة من السياسات الحكومية اللا شعبية بخلفية نيوليبرالية متوحشة و مواجهة تغول الرأسمال الريعي الإحتكاري في أفق خلق ميزان قوى لصالح الفئات و الشرائح ذات المصلحة في التغيير و بناء ديمقراطي حقيقي و مؤسسات تعبر عن الإرادة الشعبية. المطالب ظرفية لكن الحقوق أساسية و مبدئية، لذلك كلنا معنيون لإنجاح الإضراب العام الوطني الإنذاري المقرر يوم 5 فبراير 2025 “.
محمد الزويتن: أن الحق في الإضراب كفلته جميع الدساتير المغربية منذ 1962
كد الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل محمد الزويتن، أن الحق في الإضراب كفلته جميع الدساتير المغربية منذ 1962، وهو حق يمارسه المهنيون في كل القطاعات الحكومية والعمال والطلبة وكل فئات المجتمع، لذلك يرى أن الحكومة كان عليها فتح حوار واسع مع جميع الهيئات المجتمعية، للوصول إلى توافق بشأن مضمون مشروع القانون.
وأضاف في حديث صحفي "مع الأسف الحكومة اتجهت مباشرة إلى المسطرة التشريعية دون فتح حوار مع الفاعلين المجتمعيين، معتمدة على أغلبيتها العددية في البرلمان".
وذكر أن جميع الدساتير المغربية أحالت الحق في الإضراب على قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، إلا إنه لم يتم تقنينه إلا بعد دستور 2011 حين أعدت حكومة عبد الإله بن كيران مشروع قانون تنظيمي يتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
يقول الزويتن إنه كان على الحكومة التعجيل بالوفاء بالتزاماتها في الحوارات الاجتماعية مع النقابات، فيما يتعلق بإصلاح نظام المعاشات ورفع الأجور، وإصلاح الاختلالات في قانون الوظيفة العمومية ومدونة الشغل، ومعالجة أسباب الاحتقان الاجتماعي، لكنها فضلت الاستقواء بالأغلبية العددية وتمرير قانون الإضراب، وفق تعبيره.
وأضاف "نحن مع تنظيم الحق في الإضراب، ولكن وفق مقاربة توافقية حقوقية ودستورية، وليس مقاربة تقييدية كتلك التي لجأت إليها الحكومة".
وأكد أن إعلان النقابات عن خوض إضراب وطني عام "جاء بعد أن رفضت الحكومة كل ملاحظاتها على مشروع القانون، واختارت مقاربة التغول والإقصاء من الحوار".
وأوضح أن هذا الإضراب سيشمل القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات العمومية، وفق خصوصية كل قطاع، على أن يستمر الحد الأدنى للخدمات في القطاعات الحيوية مثل الصحة.
التقدم والاشتراكية ينتقد تعنت الحكومة وتجاهلها لمظاهر الاحتقان المتصاعد
انتقد حزب التقدم والاشتراكية ما اعتبره “تعنُّت الحكومة وإصرارها على تجاهُلِ مظاهــــر الاحتقان الاجتماعي المتصاعِد والصعوبات الاقتصادية الكبيرة”، مشيرا إلى أن “المنحى التضييقي للحكومة” بلغ حد منع ممثلاتٍ وممثلين للأمة من التعبير عن طرحِ آرائهم بحرية داخل قبة البرلمان.
وأكد الحزب في بلاغ له عقب اجتماع مكتبه السياسي، الثلاثاء 04 نونبر 2025، على “الخطورة البالغة التي يَنطوي عليها تعنُّتُ الحكومة وإصرارُها على تجاهُلِ مظاهــــر الاحتقان الاجتماعي المتصاعِد والصعوبات الاقتصادية الكبيرة”، مشيرا أيضا إلى استمرارها في رفضها الممنهج لاتخاذَ ما تتطلبه الأوضاعُ من إجراءاتٍ قوية وملموسة لمواجهة هذه المشاكل.
وأعرب الحزب عن قلقه واستغرابه لكون الحكومة، أمام كل هذه الأوضاع المرشحة لمزيدٍ من التأزُّم والاحتقان، “تستمرُّ في مُراكمة سلوكِ التطبيع مع الريع والاحتكار والفساد وتضارُبِ المصالح”، مسجلا في المقابل “الانشغالَ اللامُبالي وغيرَ المسؤول لبعض مكونات الأغلبية بتنافسٍ محمومٍ وسابقٍ لأوانه استحقاقات 2026”
وتابع المصدر ذاته أن الحكومةُ “تواصل اجترارَ ضُعفها السياسي والتواصلي، كما تُواصِلُ ممارساتها التراجعية والمنافية لمبادئ الدستور والديمقراطية، حيث لم تكتفِ بتبني خطاب الاطمئنان والرضى المفرط عن الذات وادعاء تحقيق إنجازاتٍ وهمية”.
وأضاف أن الحكومة “تحاول تكميم الأفواه والتهديد والتضييق على حرية الرأي والتعبير، سواء في الفضاء الإعلامي، أو إزاء آراء وتقارير مؤسسات وطنية رسمية للحكامة، أو من خلال إجراءاتٍ انتقامية مرفوضة تُجاهَ كل الأصوات المعارِضة”.