أثار ظهور بعض الأسماء في لائحة أعضاء مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، عدة تساؤلات حول معايير تعيين بعض “البروفيلات” في هذه الوكالة الوطنية ذات الطابع التقييمي وضمان الجودة في قطاع حيوي واستراتيجي يخص التعليم العالي والبحث العلمي.
تساؤلات مشروعة منها: ما هي معايير التعيين؟؟ ما هي إنتاجات بعض الاعضاء في التقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي؟ ماذا قدم بعض أعضاء هذه الوكالة من حلول واقتراحات عملية لإخراج منظومة التعليم العالي من أزماتها البنيوية التي تتخبط فيها منذ سنوات، رغم كثرة العمليات الإصلاحية لتقويمها؟ ولماذا يتم تعيين بعض الأسماء غير المؤهلة في هذه الوكالة بدلًا من آخرين مشهود لهم بالكفاءة وبالإنتاج في تقييم منظومة التعليم العالي والبحث العلمي؟ كيف يُنتظر من أعضاء لم يمارسوا مهنة التدريس بالجامعات والكليات، ولا يعرفون الاختلالات البنيوية لهذه المنظومة، أن يقدموا تقارير حول التعليم العالي والبحث العلمي؟
هل قامت الوكالة بتقييم موضوعي لإصلاح نظام LMD وحددت مكامن الفشل فيه وتحديد المسؤوليات عن هذا الفشل قبل الشروع في الإصلاح الحالي المتعلق بالمخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (PACTE ESRI 2030)؟ أم أن هذه اللجنة تشتغل وفق مزاج الوزراء وخدمة أجنداتهم؟ أي مواكبة تقنية تقدمها الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي؟ لماذا لا يعلم الأساتذة الباحثون بدراسات وأبحاث وتقارير هذه الوكالة للاستفادة منها؟ كيف يمكن لعضو في هذه الوكالة أن يُقيّم معايير الجودة الخاصة بتقييم مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وهو لا يمارس التعليم العالي ولا يمارس البحث العلمي؟
نطرح هذه الأسئلة من جانب الغيرة على منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وليس جلد ذات أحد أو جلد مؤسسة. لأن هناك العديد من المؤسسات التابعة وغير التابعة للجامعات، من المراكز الجهوية والمعاهد والمدارس العليا، تضم المئات من الباحثين المرموقين المتخصصين في تقييم جودة التعليم العالي والبحث العلمي. ولهم إنتاجات باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية في هذا المجال، ومع ذلك لا نجد أسماءهم ضمن أعضاء مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي.
بل نجد أسماء بعض المتقاعدين أو نفس الوجوه التي لم تفلح في تدبير بعض المؤسسات الجامعية، أو بعض الوجوه التي تعيش خارج الإصلاح الجامعي الجديد، ولا تملك حصيلة في البحث العلمي، هي التي تشكل مجلس إدارة هذه الوكالة وتتحكم في مستقبل قطاع استراتيجي في زمن الاقتصاد الأخضر والثورة التكنولوجية والرقمية.
مؤسف أن لا نراهن على الكفاءات المغربية المختصة في الميدان، من داخل المغرب ومن خارجه، والمؤهلة معرفيًا وعلميًا ومنهجيًا لإخراج منظومة التعليم العالي من أزمة بنيوية، رغم كثرة العمليات الإصلاحية، حيث لا تخرج منظومة التعليم العالي من إصلاح حتى تدخل في إصلاح آخر. إنه هدر للزمن الجامعي وزمن إصلاحات شكلية لا أكثر.