القوة الأمريكية السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية تستمد من قوتها الديمقراطية

جسدت أجواء تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالولايات المتحدة الأمريكية الأمس، أن الديمقراطية الحقة تفرض هيبة الدول واحترامها، وتجعل مواطنيها يفتخرون بالانتماء إليها، وهذا ما ينطبق على النظام الأمريكي الذي أثبت بالأمس أثناء تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب أن القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة ترتبط بشكل وثيق بقوة نظامها الديمقراطي وبديمقراطية مؤسساته التمثيلية.

وهذا ما أكده داريل ويست، نائب رئيس دراسات الحوكمة في معهد "بروكينغز"، في إحدى محاضراته عن علاقات الديمقراطية بقوة الدول، حيث قال إن المجتمعات الديمقراطية تقوم بحماية حق الناس في التعبير عن آرائهم، ومناصرة سيادة القانون، وفرض القواعد الحاكمة التي يمكن التنبؤ بها، وإجراء انتخابات تنافسية، ودعم وسائل الإعلام المستقلة، وإزالة الخوف من المواطنين، ليكونوا أحرارًا يتنفسون الحرية والديمقراطية وليس الخوف والرعب، ليمتلكوا سلطة الإبداع والابتكار وحرية التعبير وقيم المواطنة الحقة.

مضيفًا أن الديمقراطية تمكن المواطن من التعامل مع السلطة بشكل ديمقراطي، وتقوي لديه الثقة في المؤسسات واحترامها، والتزامه بالديمقراطية كحقوق وواجبات، والشعور بالاطمئنان على مستقبله ومستقبل أبنائه.

لذلك نقول، قد نختلف حول السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية، ولكن لا يمكن إلا أن نتفق على ديمقراطية نظامها السياسي.

فالديمقراطية توفر أسسًا متينة للشعوب وللأنظمة السياسية، من أهمها:

  1. الشرعية السياسية: الديمقراطية تمنح الحكومة شرعيتها من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة، مما يعزز الاستقرار السياسي ويتيح اتخاذ قرارات مدعومة من الشعب، وهذا ما يفسر إعلان ترامب قرارات قوية في أول يوم من تنصيبه تهم السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية.
  2. الابتكار والاقتصاد: النظام الديمقراطي يشجع على حرية الفكر والابتكار، مما يؤدي إلى تطور اقتصادي قوي ومستدام. كما أن سيادة القانون وحقوق الملكية الفكرية توفر بيئة جاذبة للاستثمار.
  3. القوة الاقتصادية والعسكرية: القوة الاقتصادية الناتجة عن النظام الديمقراطي تدعم تطوير جيش قوي ومجهز تقنيًا. كما أن قيم الديمقراطية تدعم تحالفات قوية مع دول أخرى تشترك في نفس المبادئ.
  4. التأثير الدولي: الديمقراطية الأمريكية تجعلها نموذجًا للكثير من الدول، مما يمنحها قوة ناعمة تعزز من تأثيرها السياسي على الساحة الدولية.
  5. الهيبة والوقار: الديمقراطية تمنح للأنظمة هيبتها ووقارها، وتجعلها محترمة عند مواطنيها وعند باقي دول العالم، وفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي.

وعليه، فهيبة الدولة في عصر الثورة الرقمية ترتبط بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومدى قدرة السلطة على احترام وظائف الدولة والأهداف التي أُسست لأجلها، وفي مقدمتها حماية الحريات الفردية والجماعية (باروخ سبينوزا)، والحفاظ على الممتلكات الخاصة والجماعية (جان لوك)، وسيادة القانون (توم بينغهام)، وفصل السلط  (مونتيسكو)،  والالتزام بالعقد الاجتماعي (جان جاك روسو).

وحدها اليوم،  الدولة الديمقراطية، اي دولة الحق والقانون والعدالة وحرية التعبير وربط المسؤولية بالمحاسبة والدولة التعددية والتعاقدية من يضمن هيبة الدولة، ويفرض _ بالتالي _ الاحترام والوقار لها، بعيدا عن  الخوف والرعب منها. هذا هو المدلول الدستوري والعقلاني لهيبة الدولة.

بالأمس، تجسد كل ذلك في تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب، وبرزت الديمقراطية الأمريكية في أحلى صورها، لتؤكد للعالم أن جوهر القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية الأمريكية مستمد من قوتها الديمقراطية.