الجزائر والجالية في فرنسا: بين أدوات الضغط السياسي وازدواجية الخطاب

في تقرير بعنوان "الجزائر.. سلاح الشتات"، سلطت مجلة لوبوان الفرنسية الضوء على استراتيجية السلطات الجزائرية التي تستغل الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا كأداة لتحقيق مكاسب سياسية وتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي.

 

ووفقاً للتقرير، تعتمد السلطات الجزائرية على الجالية، بما في ذلك مزدوجو الجنسية والمقيمون، لتوظيفهم في أجندتها السياسية والدبلوماسية. وتشمل هذه الاستراتيجية تجنيد مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، توجيه الخطاب الإعلامي، وإثارة المشاعر الوطنية لمواجهة خصومها الإقليميين، خصوصاً المغرب، أو التأثير على الرأي العام الدولي.

 

لطالما لجأت الجزائر إلى خطاب "الأمة في خطر"، مع توجيه اتهامات لأطراف خارجية، خاصة المغرب وفرنسا، لتبرير أزماتها الداخلية. ويهدف هذا الخطاب إلى تعزيز التماسك الداخلي وصرف الانتباه عن الأوضاع المحلية من خلال خلق أعداء خارجيين يخدمون سردية النظام الأمنية والعسكرية.

 

بحسب المجلة، استخدمت السلطات الجزائرية وسائل التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية، حيث تم اعتقال أربعة مؤثرين جزائريين في فرنسا بتهمة التحريض على الكراهية عبر منصة "تيك توك". هؤلاء المؤثرون يعتبرون أنفسهم "جنودًا نائمين"، ما يعكس استعدادهم لتنفيذ أجندة النظام الجزائري.

 

ورغم أن هذه التحركات تبدو ظاهريًا موجهة ضد فرنسا، إلا أن الهدف الحقيقي يتمثل في قمع المعارضة الجزائرية في الخارج. إذ تعتبر الشخصيات المعارضة للنظام "خونة" وتتعرض لحملات تشويه واعتقالات، مثلما حدث مع الكاتب بوعلام صنصال، مما يعكس تخوف النظام من تأثير الشتات على الأوضاع الداخلية.

 

تعكس سياسات الجزائر تجاه جاليتها في فرنسا ازدواجية واضحة؛ فمن جهة تطلق حملات مثل "أنا أحب بلدي" لاستقطاب الشباب الجزائري الفرنسي، ومن جهة أخرى، تمارس قمعًا ضد مزدوجي الجنسية في الداخل والخارج. كما يظهر هذا التناقض في خطاب النظام، الذي يتبنى لهجة عدائية تجاه فرنسا محليًا، بينما يسعى لاستغلال الجالية الجزائرية لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية.

 

ورغم محاولات النظام، تفضل غالبية الجالية الجزائرية في فرنسا البقاء على الحياد والصمت، إلا أن السلطات تستمر في استغلالهم كأداة ضغط سياسي، وسط تصاعد التوترات مع باريس.