أغلبية ومعارضة بمجلس المستشارين تناقش تقرير المجلس الأعلى للحسابات(فيديو)
أشاد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، اليوم الإثنين، بتقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2022-2023 الذي قدمته رئيسة المجلس زينب العدوي الأسبوع الماضي أمام مجلسي البرلمان، منوها بمستوى التفاعل المؤسساتي الذي يعبر عنه الفاعل السياسي حيث يعكس التوازن الإيجابي بين السلطة التشريعية والسلة التنفيذية مع باقي المؤسسات الدستورية.
ودعا المستشار البرلماني كمال آيت ميك، الذي تناول الكلمة باسم الفريق البرلماني، اليوم ، خلال جلسة مناقشة العرض الذي تقدمت به زينب العدوي حول أعمال المحاكم المالية برسم 2022 ـ 2023، إلى المضي بكل ثقة في تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وهي فرصة سانحة لنا في هذه المحطة السنوية المؤطرة بمقتضى الدستور لتقييم أداء المرفق العمومي”، مشيرا إلى أن “هذه العملية تبقى آلية مهمة لترسيخ مبادئ الحكامة والشفافية ومراقبة تدبير المالية العمومية”.
وأكد آيت ميك أن “الفريق التجمعي بمجلس المستشارين يؤكد على ضروروة صيانة حرمة المال العام والذي يشكل بالنسبة لنا مقدس وطني يستوجب المحافظة عليه عبر قطع الطريق على كل المفسدين ونهابي المال العام أينما كانوا ومنعهم من تدبير كافة شؤون المؤسسات الدستورية الإدارية والمنتخبة”.
وسجل الفريق بـ”افتخار أنه منذ مجيء رئيس الحكومة عزيز أخنوش على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار لإصراره على صون المال العام من خلال مطالبته لكافة المسؤولين والمنتخبين بضرورة الحفاظ على نظافة اليد مُعلنا بشكل رسمي على أنه لن يقف إلى جانب المسفدين وناهبي المال العام”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن “الفريق يشيد بنجاعة الأحزاب السياسة الوطنية الجادة في تدبير النفقات المتعلقة بها وبالعمليات الإنتخابية أثناء صرف مختلف أنواع الدعم العمومي لها، حيث دبرت ميزانيتها وفق إمكانياتها المتاحة وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار”.
فريق الاستقلالي نوه على لسان عضوه محمد زيدوح بعمل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات وقضاة وأطر المحاكم المالية، معتبرا أنهم “يضطلعون بدور هام ومركزي في الحفاظ على المال العام وتحسين وتدبير الشؤون المالية والإدارية للهيئات والمنظمات العمومية الوطنية والترابية وتدعيم دولة الحق والقانون”.
واعتبر الفريق الاستقلالي أن عملية محاربة الفساد “هي كل لا يتجزَّأ وينبغي أن تُعالج وفق استراتيجية شاملة ومندمجة، دقيقة، واضحة المعالم، وإجراءات عملية ملموسة لرصد الاختلالات”.
في السياق ذاته، نوّه فريق الأصالة والمعاصرة بالعمل الذي يقوم به المجلس الأعلى للحسابات، معتبرا أنه “يمثل إضافة نوعية لتقييم السياسات العمومية، وإسهاما جديا في تخليق الحياة العامة وتحسين حكامة تدبيرها”.
وتوقف الفريق عند مشروع الحماية الاجتماعية، مبرزا أن الحكومة “انخرطت بجدية في هذا الورش”، مثمنا “الدور الطلائعي للحكومة لتنفيذ التعليمات الملكية بهذه الخصوص”.
وناقش رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين يوسف ايذي، تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2022، الذي جرى تقديمه من قبل الرئيس الأول للمجلس زينب العدوي الثلاثاء الماضي في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان.
وأوضح يوسف ايذي، أن الفريق الاتحادي بالغرفة الثانية، تابع عرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المحاكم المالية، طبقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور، والمادة 100 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، وهي محطة دستورية أساسية تكشف بالملموس المنهج التشاركي الذي تقوم عليه هذه المؤسسة الوطنية، وتفعيلا لمهامها الدستورية المتمثلة في تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، والحرص على ممارسة كافة اختصاصاتها وفق منهجية شمولية متوازنة، تسعى من خلالها إلى تكريس ثقافة التدبير المرتكز على النتائج وأثره على حياة المواطن كمعيار لتقييم مدى نجاعة البرامج والمشاريع العمومية المعتمدة، مع تفعيل المبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مكرسة في نفس الوقت تحقيق مبدأ الحق في الحصول على المعلومة.
وتابع يوسف ايذي، “نناقش اليوم هذا التقرير وفق الجدول الموضوعاتي المحدد سلفا، من مدخل المعارضة البناءة، مؤكدين للجميع أن المبدأ المتحكم في عملنا هو وفاؤنا لقيمنا الاتحادية ومنهجنا المتأصل والمتمثل في الإشادة بكل ما هو إيجابي والوقوف على السلبيات والتفاعل النضالي المبدئي من أجل تجاوز مكامن الخلل والمساهمة المواطنة في كسب كل التحديات التي تقف ضد تحقيق دولة القانون والكرامة والعدالة الاجتماعية.”
وأكد ايذي، أن التفاعل مع هذا العمل الجبار والغوص في مضامينه وأسسه، يستدعي منا أن نثير المعالم البارزة للسياق العام الدولي والوطني الذي صيغ فيه هذا التقرير نظرا لواقع العولمة و لطبيعة العلاقة الجدلية بين السياقين وما تفرزه من إكراهات وتحديات ومخاطر مهددة وفق ثنائية التأثير والتأثر.
وسجل ايذي، “أننا نعيش في وضع دولي غير مسبوق المتسم بالمحاولات الجارية و الحثيتة هنا وهناك من أجل النهوض بالجانب الاقتصادي للدول، جراء تداعيات التضخم العالمي؛ تضخم كرس الضعف والهشاشة الاقتصادية والترهل الاجتماعي و مدى الاتساع الصارخ و الفاحش بين الطبقات الاجتماعية، و اتساع بنية الفقر و انهيار الطبقة المتوسطة حتى في الدول الكبرى، فما بالكم بالدول النامية أو الصغرى.”
وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي بالمستشارين في مداخلته “في ظل ما يعيشه العالم من أزمات التضخم والطاقة و التغيرات المناخية التي وضعت الكرة الارضية في لحظة جنون مناخي يهدد مستقبل الانسانية. نجد العدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة و الضفة الغربية بفلسطين الذي يقارب شهره الخامس، و ما اسفر عنه من جرائم حرب سافرة في حق الشعب الفلسطيني خداجا و أطفالا و نساءا و شيوخا و بنيات تحتية لم تسلم منه حتى المؤسسات الصحية و المؤسسات الانسانية الدولية و مؤسسات اعلامية.” مشيرا أنه يحاول من خلال هذا العدوان اليمين المتطرف الاسرائيلي تقويض الحل السلمي، وتعطيل تفعيل القرارات الأممية ذات الصلة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة و عاصمتها القدس الشرقية.
وشدد ايذي، أنه لابد من مواجهة الحكومة، من موقع الفريق في المعارضة الإتحادية، على كل تلكُّؤ في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، والإسراع في إنجاز العمليات المبرمجة في إطار السياسة العامة المائية. مؤكدا على الحرص على ممارسة “دورنا الرقابي للدفاع عن حق المواطن في الماء، لأن الأمر يتعلق بمرفق عمومي حيوي، يشكل أسس الامن المائي الوطني كجزء من الامن الغدائي ،يعتمد على استمرار توفير المورد المائي الذي يعد أساس الاستقرار والأمن المجتمعي.”
وفي سياق الأوراش الكبرى، سجل ايذي الارتياح الكبير للمبادرات السامية التي أطلقها جلالة الملك، و على رأسها على المستوى الافريقي المبادرة الملكية برؤية استراتيجية التي اطلقها خلال الخطاب الملكي لسادس نونبر الاخير بمناسبة الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة تتعلق برؤية تنموية مغربية نحو الدول الافريقية الأطلسية، مع تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، و التي لقيت تفاعلا افريقيا سريعا ينبأ بمستقبل جديد بأفق جديد لهذه الدول و من خلالهم للقارة الافريقية. أما داخليا فقد حث جلالة الملك نصره الله على تنزيل الحماية الاجتماعية ومراجعة مدونة الأسرة، وتدبير إشكالات الفلاحة، الماء والطاقة.
ولاحظ ايذي، أن هناك العديد من الإشكاليات والتحديات التي تحتاج إلى حلول شاملة وفعالة، ويتعلق الامر أولا بنقص الموارد المالية في القطاعات الحكومية. هذا النقص الذي يؤثر على الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، ما يؤدي إلى تدهور البنية التحتية والخدمات العامة. الأمر الذي يستوجب على الحكومة تحسين إدارة الموارد المالية وتحسين جودة الإنفاق الحكومي، وضرورة ترشيد النفقات وتوجيهها نحو القطاعات الأكثر أولوية وإخضاعها لتتبع يضمن تحقيق الأهداف المحددة.
ثانياً، ضعف الإطار القانوني والتنظيمي في القطاعات الحكومية. الذي يجرنا إلى عدم توافر مبدأ الشفافية والإلتزام الجاد في العمل الحكومي، ويؤثر على جودة السياسات وتنفيذيها، حيث لا يمضي يوم إلا ونجد المواطنين يعانون نفس إشكالات الأمس، الأمر الذي يجيب على سؤال عدم رضاهم عن الحكومة، ولنا في الصناديق الوطنية للتقاعد خير مثال، التي تعاني من عدم الاستدامة، إضافة للإصلاحات الهيكلية اللازمة التي لم تَحدث على الرغم من الطابع الاستعجالي لهذا الإصلاح. ، ولأجل هذا -وكما ذكرنا كم من مرة في هذه القبة الموقرة- يجب على الحكومة تحسين الإطار القانوني والتنظيمي وتعزيز الشفافية والمساءلة بالنسبة لكافة القطاعات، وتحسين الإدارة المالية في المؤسسات والمقاولات العمومية، وضرورة تقوية منهج الرقابة المالية والمحاسبية، وتطوير الأداء والكفاءة في المؤسسات والمقاولات العمومية.
ثالثا: غياب استراتيجية وطنية للاستثمار، إذ في ظل الأزمة التي تعتري الاقتصاد الوطني نتيجة عدم وجود استراتيجية وطنية للاستثمار، ما يؤثر على تنمية الاقتصاد ويؤدي إلى عدم استقرار الوضع الاقتصادي، خصوصا وأن ميثاق الإستثمار دخل حيز النفاذ، لكن أفق تنزيله يبقى مشمولا بالضبابية في ظل الإجراءات الحالية، اذ يتطلب الأمر تحسين نسب النمو، حيث أن إصلاح منظومة الاستثمار يشكل رهانًا كبيرًا من شأنه تحسين نسب النمو وتوفير المزيد من الموارد لميزانية الدولة.
رابعا: إعادة النظر في حكامة الحماية الاجتماعية بشكل عام، وفي حكامة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل خاص، حيث أن ما جاء في التقرير يبرز أن تنزيل منظومة الحماية الاجتماعية في بلادنا يعاني من العديد من المشاكل والتحديات، مثل قلة التغطية وعدم كفاية الخدمات المقدمة وعدم وجود ضمانات قوية لاستدامتها المالية؛
خامسا: العوائق والتحديات التي تواجه تنزيل ورش المدارس الجماعية، المتمثلة في عدم توفر الوزارة الوصية على استراتيجية موثقة تحدد بوضوح الأهداف والمؤشرات المراد تحقيقها، والموارد البشرية والمالية المطلوبة، مع غياب الإلتقائية بين الجهات المعنية ما يؤثر سلبًا على جودة التنفيذ والأداء.
سادسا: فيما يتعلق بالإطار القانوني والمؤسساتي لورش الجهوية المتقدمة التي تحتاج اليوم المزيد من المواكبة لتفعيل اختصاصات الجهات واستكمال منظومتها القانونية، الأمر الذي يتطلب الإشراف والمتابعة المستمرة لتفعيل الجهوية المتقدمة وضرورة استكمال إصدار النصوص التطبيقية وتفعيل مختلف هياكل المجالس الجهوية؛
وعلى مستوى التوصيات، خلص ايذي، أنها في السياق ذاته الذي دائما ما طالب به الفريق الاشتراكي وحث على تنزيله في مختلف المجالات منذ بداية العمل كبرلمانين وممثلين للأمة، قصد تحسين الإطار القانوني والمؤسساتي وتطوير أدائه ونجاعته وضمان الاستمرارية والتنمية المستدامة لوطننا الحبيب.