عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، غابرييل أتال البالغ من العمر 34 عاما، رئيسا للوزراء ليقود الحكومة الفرنسية.
وسيكون أتال أصغر رئيس وزراء منذ تأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة في عام 1958، وسيكون أيضًا أول رجل مثلي الجنس بشكل علني يشغل منصب ثاني أقوى سياسي في البلاد.
ويشغل أتال، النجم الصاعد في حزب "النهضة" الذي يتزعمه ماكرون، منصب وزير التربية والشباب الوطني منذ يونيو 2023. وخلال فترة ولايته، أصدر حظرا مثيرًا للجدل على ارتداء العباية في المدارس العامة الفرنسية وعمل على رفع مستوى الوعي لمواجهة التنمر في المدارس.
وقال ماكرون في تغريدة على منصة "إكس"، المعروفة سابقًا باسم تويتر، بعد الإعلان: "أعلم أنه يمكنني الاعتماد على طاقتكم والتزامكم".
قبل توليه وزارة التعليم، شغل أتال منصب المتحدث باسم الحكومة ثم وزير الأشغال العامة والحسابات العامة.
بالنسبة إلى نصف الفرنسيين، أتال هو الشخصية الأكثر شعبية في الحكومة وفي الأغلبية الرئاسية. كان أصغر وزير للتربية وأصبح أول رئيس حكومة فرنسي يجاهر بمثليته الجنسية.
ويأتي تعيينه بينما يواجه ماكرون في ولايته الثانية من خمس سنوات صعوبات كبيرة. فبدون أغلبية في الجمعية الوطنية وفي مواجهة صعود اليمين المتطرف، يبذل الرئيس الفرنسي جهودا شاقة من أجل إعطاء دفع لولايته الثانية.
فقد ترك تبني إصلاح أنظمة التقاعد المؤلم والمثير للجدل، ومؤخراً قانون الهجرة المدعوم من اليمين القومي الذي صدّع الأغلبية الرئاسية، أثرا سلبيا كبيرا.
وغابريال أتال قادم من حركة المؤيدين الشباب لدومينيك ستروس، الذي كان أحد أبرز شخصيات اليسار قبل سقوطه على إثر اعتقاله بتهمة اعتداء جنسي في 2011 في نيويورك. فأصبح أتال من أوائل الاشتراكيين الذين انضموا إلى إيمانويل ماكرون عندما أسس في 2016 حزبه “إلى الأمام!” الذي كان نقطة انطلاقه إلى الرئاسة.
تعيين غابرييل أتال رئيساً للوزراء في فرنسا،اثار عاصفة من ردود الفعل ، فبينما اعتبر اليسار أن التعيين لا يتعدى كونه "تغييرا للأشخاص لا السياسات"، ذهب اليمين المتطرف إلى اعتبار الرجل "دمية" بيد الرئيس إيمانويل ماكرون.
وانتقدت ماتيلد بانوت، رئيسة كتلة نواب اليسار هذا التعيين، معتبرة أنّه لا يغير شيئًا على الإطلاق بالنسبة للفرنسيين، واستحضرت أداء الرجل عندما كان وزيرا للتربية، فيما أشارت في الوقت نفسه إلى أنّ "فرنسا تشهد تراجعا لافتا للمدرسة الرسمية التي تعيش حالة انهيار ساهم فيه أتال".
ودعت بانوت إلى "ضرورة أن يطلب رئيس الوزراء القادم التصويت على الثقة من الجمعية الوطنية، وإلا فإنها ستقدم اقتراحًا بتوجيه اللوم"، وقالت إنّ "ما نطلبه الآن هو أنه بعد الرئيس الأكثر سوءًا في الانتخابات، لن نسمح بأن يكون لدينا رئيس وزراء بدون ثقة ولا يخضع للتصويت على الثقة في الجمعية الوطنية".
وعلى منصة "إكس"، وصفت زعيمة كتلة اليمين المتطرف مارين لوبان التعيين بأنّه "باليه طفولي خليط من الطموحات والغرور"، في حين اعتبر جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، على المنصة نفسها، أن "إيمانويل ماكرون أراد التشبث بالشعبية الاستطلاعية" لرئيس حكومته الجديد؛ "لتخفيف آلام نهاية حكمه".
كما يرى سيباستيان تشينو، نائب حزب التجمع الوطني، أن غابرييل أتال "لا يمكن إلا أن يخيب الآمال.. إنه رئيس وزراء يجد نفسه في نفس المعادلة مثل إليزابيث بورن، أي رئيس وزراء بدون أغلبية، لذلك سيكون محكوما عليه بإجراء اتصالات، وإجراء أجزاء صغيرة من الإصلاحات، دون القدرة على معالجة القضايا الكبيرة التي تقوض البلاد؛ لذا، سيجد غابرييل أتال نفسه في نفس الموقف الذي وُضعت فيه إليزابيث بورن بسرعة كبيرة وسيكون الأمر مخيبًا للآمال حتمًا".
وذهب عضو البرلمان نيكولا دوبون إيجنان إلى وصف رئيس الوزراء المكلّف بأنه "دمية جديدة في ماتينيون! ولسوء الحظ بالنسبة لفرنسا فإن غابرييل أتال لن يغير شيئا لأنه استنساخ ماكرون، هو حل عاجل لسياسة جديدة".
في المقابل، رحّب عضو البرلمان عن حزب "عصر النهضة" ماتيو لوفيفر، بتعيين أتال قائلا: "إنها موهبة خام بالنسبة للأغلبية، لقد رأيته عن قرب كوزير للموازنة، فهو يعرف كيف يتفاوض، ويعرف كيف يضمن تغليب مصالح البلاد. ومن ثم، فإن غابرييل أتال هو أيضًا سياسي وتقني وصاحب كاريزما، لذلك نحن سعداء جدًا بهذا التعيين الذي سيعطي حياة جديدة وزخمًا جديدًا لولاية إيمانويل ماكرون التي تمتد لخمس سنوات".
وأضاف: "إنه رجل توافقي، رجل يلتزم بكلمته، وأنا متأكد من أنه سيحسن التصرف، سواء فيما يتعلق بالميزانية أو أيضًا فيما يتعلق بالنصوص العديدة الأخرى التي سيتعين علينا مواجهتها واعتمادها هذا العام".