لتعقّب المضربين الممارسين للساعات الإضافية بالمنازل.. الداخلية تُنسق مع التعليم

بعد سحب التراخيص التي تسمح لأساتذة التعليم العمومي بمزاولة أنشطة تربوية في المدارس الخصوصية، وتكليف لجان إقليمية لمراقبة تفعيل هذا القرار، يجري تنسيق مكثف بين السلطات الترابية على صعيد الأقاليم والسلطات التعليمية لتعقب الأساتذة المضربين والذين يقدمون ساعات إضافية في المنازل، كما حدث في فترة الحجر الصحي.

حيث توج هذا التنسيق بتحديد لائحة تضم أسماء الأساتذة الذين يضربون في القطاع العام ويستقطبون تلامذتهم للساعات الإضافية، إذ تراوحت سومة الساعة الواحدة في بعض المدن، وخصوصا في المواد العلمية الأساسية في امتحانات الباكلوريا، ما بين 200 و300 درهم للحصة الواحدة، وهو مبلغ قياسي غير مسبوق، يعني أن تكاليف هذه الساعات يمكن أن تكلف الأسر ما بين 1500 و2000 درهم للتلميذ الواحد، علما أنه يتم تجميع التلاميذ في مجموعات قد تصل إلى 20 تلميذا في الحصة الواحدة.

شهدت مقرات العمالات، طيلة الأسبوع الماضي، اجتماعات مكثفة ضمت ممثلي السلطات الترابية والسلطات التعليمية لتدبير نتائج الإضرابات التي يخوضها الأساتذة للأسبوع الثامن على التوالي. وكان واضحا توجه السلطات المحلية لتعقب بعض الممارسات التي تضع أصحابها تحت طائلة المحاسبة بعد أن لم تأت قرارات الاقتطاع من الأجور بنتيجة فورية. ومن أشكال المحاسبة التي تم تداولها، حسب مصادر مسؤولة، تشكيل لجان محلية لمراقبة الأساتذة الذين يتحدون القرار الوزاري القاضي بمنعهم من تقديم دروس في المؤسسات الخاصة، وأيضا تعقب المضربين الذين يقدمون دروسا في منازلهم. وهي الخطوة التي دفعت بعض اللجان، التي ضمت ممثلين للسلطات الترابية والتعليمية، إلى مداهمة منازل كانت تحتضن دروسا، وأنجزت تقارير رسمية توثق للأمر، على أن يتم اعتماد هذه التقارير في المجالس التأديبية المزمع عقدها ابتداء من الأسبوع القادم.

وأكدت المصادر ذاتها أن المديريات الإقليمية ستوجه دعوات رسمية لبعض الأساتذة، عبر مديري المؤسسات التعليمية التي يزاولون فيها مهامهم التربوية، لحضور المجالس التأديبية ابتداء من الأسبوع القادم. وهي الخطوة التي لم تكن مفاجئة، حسب المصادر ذاتها، لكون إجماع كل النقابات الأكثر تمثيلية على ضرورة العودة للعمل وتوقيف الإضرابات، هو سحب للبساط القانوني من تحت أقدام المضربين، وهو الأمر الذي سيعطي الضوء الأخضر للسلطات التعليمية الإقليمية لمحاسبة الأساتذة المضربين والمخالفين لقرارات التوقف عن مزاولة الحصص الإضافية، سواء في المنازل أو في المدارس الخاصة ومراكز الدعم.

فبينما يتوقع متتبعون أن يلتحق بعض المدرسين بالمؤسسات التعليمية نتيجة دعوة نقابة النهج الديموقراطي اليساري الراديكالي، سيواصل بعض المنتسبين للتنسيقيات إضرابهم، وهو الأمر الذي تستعد الحكومة للتصدي له، خصوصا بعد خطاب رئيس الحكومة في البرلمان، الأسبوع الماضي، والذي جدد فيه العرض المالي المخصص للتسوية، والذي يعتبر الأكبر في تاريخ التعليم المغربي، وأيضا تأكيده على أنه سيكون العرض الأخير.

ومع استمرار المفاوضات بين الحكومة والنقابات التعليمية الخمس، والحديث عن إحراز تقدم كبير في معالجة الملفات الفئوية المختلفة، بات الجميع مقتنعا بأن تعديل النظام الأساسي قرار أكثر نجاعة من العودة للصفر، أي قرار سحب النظام ذاته، وهو ما سيعني سنوات أخرى من التفاوض وبالتالي ضياع المكتسبات التي حملها النظام الأساسي الحالي، والذي استبشرت به فئات عديدة، وساء الفئات المنتمية لهيئات الإدارة والمراقبة، أو الفئات التي حرمها نظام 2003 من خارج السلم.

 

ليس بالإمكان أفضل مما كان

التحاق الجامعة الوطنية للتعليم، وهي النقابة التابعة لحزب النهج، بالحوار القطاعي بين اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، أفضى لنتيجة هامة، وهي «تعليق كافة الأشكال الاحتجاجية»، وهو الأمر الذي أكده الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي، في تصريح للصحافة، مشيرا إلى «تفهم أعضاء اللجنة الوزارية لهذه المطالب». وأضاف أنه تم الاتفاق، أيضا، «على نسخ المرسوم الخاص بالنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، وإصدار نظام أساسي جديد، بمرسوم جديد».

وشدد المتحدث على مباشرة المفاوضات مع اللجنة الوزارية حول الملف المطلبي للجامعة الوطنية للتعليم، طيلة نهاية الأسبوع، بغية عقد اتفاق يستجيب لانتظارات نساء ورجال التعليم وإفساح المجال للمفاوضات، مؤكدا أن الجامعة «ستعلق كل الأشكال الاحتجاجية».

من جانبه، أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أن الوفد الوزاري المكلف بالمفاوضات والحوار القطاعي حول التعليم، والجامعة الوطنية للتعليم، اتفقا على التحاق الجامعة بالنقابات الأخرى في إطار مائدة الحوار لدراسة الملفات المطروحة.

واعتبر بنموسى، في تصريح للصحافة، عقب الاجتماع، أن الإرادة المشتركة هي السبيل للوصول إلى اتفاق، في الأيام القليلة المقبلة، بين النقابات الخمس واللجنة الوزارية، والتي على أساسها سيتم وضع النظام الأساسي الجديد، موضحا أن هذه الدينامية ستفتح المجال لاستئناف الدراسة والعمل بالأقسام، واعتبارها محطة جديدة للإصلاح وفقا لمقاربة تشاركية مع كل الأطراف المعنية.

يذكر أن اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية تضم، بالإضافة إلى الوزير بنموسى، كلا من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.

وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ترأس، يوم 10 دجنبر بالرباط، اجتماعا تم خلاله التوقيع على اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية يهم تحسين دخل رجال ونساء التعليم. ونص الاتفاق، بالخصوص، على زيادة في الأجور بمبلغ 1500 درهم لفائدة جميع موظفي القطاع، فضلا عن حل مجموعة من الملفات الفئوية التي كانت مطروحة لعدة سنوات.

عن يومية الاخبار

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *