يستقطب الاهتمام المغربي الشديد الآن إلى الانتخابات الإسبانية، حيث يتطلع المراقبون إلى فهم توجهات الشعب الإسباني واختياراته الديمقراطية وما ستسفر عنه النتائج من تأثيرات وتحولات في العلاقات الثنائية مع خشية تأثيرها على التعاون والقضايا الحساسة بين البلدين، لاسيما وأن فتيل المنافسة مشتعل بين تحالف اليسار الراديكالي “بوديموس” الداعم للشراكة الإستراتيجة مع المغرب واليمين الممثل في الحزب الشعبي المعادي لها.
وفي تصريحات سابقة أدلى بها خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، في مقر الكونغرس، حذّر صراحة من “خطورة” تمكّن رئيس حزب الشعب من تولي رئاسة الحكومة الإسبانية على العلاقات مع المملكة المغربية، وقال: “إذا حكم الحزب الشعبي فإنه سيؤدي بإسبانيا إلى صدام كبير مع المغرب”.
ونبّه ألباريس خلال حديثه إلى خوان خوسيه إمبرودا، زعيم حزب الشعب في مليلية المحتلة ورئيسها السابق، إلى أن حزب الشعب “ينزلق بشكل خطير إلى منعطف مناهض للمغرب في مواقفه السياسية”، واصفاً ذلك بـ”الخطير”، مذكّراً إياه برغبة حزب فيخو في “العودة إلى زمن الاشتباكات في جزيرة ليلى، وهذا أمر سلبي للغاية بالنسبة لسبتة ومليلية”، وفق تعبيره.
وعند الوقوف إلى الإنتخابات البلدية والمحلية التي تخوضها اليوم الإسبانية والتي تشكل صورة مسبقة للانتخابات التشريعية الإسبانية المرتقبة السنة المقبلة، تُطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين في حال تولّي حزب الشعب رئاسة الحكومة.
وقال نبيل دريوش، خبير في العلاقات المغربية الإسبانية، في تصريح له لـ"بلبريس" إن "الإنتخابات الإسبانية الحالية تأتي برهانات وطنية"، مضيفا "لاحظنا ذلك طيلة الحملة الانتخابية التي كان فيها صراعا محتدما وتم حتى توظيف بعض الأوراق في السياسة الخارجية الاسبانية مثل ورقة المغرب بشكل غير مسبوق".
دريوش أكد في ذات السياق، أن "هذه الانتخابات هي تيرمومتر للانتخابات التشريعة التي يتوقع أن تجرى قبل نهاية العام الحالي، وهي أيضا التي ستعطينا طبيعة المشهد السياسي الاسباني في ظل تضارب نتائج استطلاعات الرأي وغموضها وفشلها عدة مرات في توقع اتجاهات الناخبين الإسبان".
وتابع الخبير "ومن هنا تبدو هذه الانتخابات مهمة لدرجة كبيرة ونتائجها ستكون مقدمة نحو الانتخابات التشريعية المقبلة التي سيتحدد فيها مصير اسبانيا خلال الاربع سنوات".
وأوضح إنه "ومن هذا المنطلق فهذه الانتخابات مهمة أيضا للمغرب لأنها ستعطي فكرة عن قوى الاحزاب السياسية وستجعلنا نقترب في التحليل من تصور الجهة التي هي اقرب لحكم اسبانيا في السنوات المقبلة وبالتالي تحضير سيناريوهات أدق خصوصا في ظل المرحلة الدقيقة والمهمة التي نمر منها العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد".