صنف التقرير السنوي لمنظمة ”مراسلون بلا حدود” لعام 2023، المغرب في المرتبة 144، مقابل الرتبة 135 العام الماضي، فيما انحاز بشكل مفضوح إلى فرنسا والجزائر، خدمة لأجندات معادية للمملكة.
وعلى الرغم من الأوضاع التي تعرفها فرنسا بشأن قمع الصحفيين خلال تغطية الاحتجاجات الرافضة لإصلاح نظام التقاعد، والاعتداء عليهم من طرف الشرطة خلال مزاولتهم لمهامهم الإعلامية، صنف التقرير المذكور فرنسا في المركز الـ24، بعدما كانت في الرتبة الـ 26 خلال سنة 2022.
وإلى جانب ذلك، تراجعت الجزائر، وفقا لتقرير منظمة ”مراسلون بلا حدود”، بمرتبتين فقط، لتحل في المركز 136 هذا العام مقابل المرتبة الـ134 العام الماضي، في الوقت الذي سجن فيه نظام العسكر في الجزائر عددا من الصحفيين وأغلق مقرات جرائد وإذاعات خاصة معارضة له، أبرزهم الصحفي إحسان القاضي، القابع حاليا وراء قضبان سجون هذا النظام، على خلاف المغرب، الذي لم يسجل أي حالة اعتقال في صفوف الصحفيين هذا العام، فيما كانت مختلف التوقيفات التي طالت الصحفيين بالمملكة خلال السنوات الماضية تهم جرائم الحق العام، ولا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير.
الحكومة تتهم "مراسلون بلا حدود" بـ"العداء الممنهج"
وفي أول تعليق حكومي على تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود"حيث اعتبرت ، على لسان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، أنّ "مراسلون بلا حدود أصبحت مطية لمجموعة من الأجندات التي لا علاقة لها بمسار الصحافة بالمغرب".
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إنّ المنظمة "معروفة بعدائها الممنهج ضد المغرب"، لافتاً بالمقابل إلى أنّ "الحكومة تتقبل بصدر رحب جميع الانتقادات بشرط أن تكون موضوعية وبناءة".
يونس مجاهد: المنظمة تستهدف المغرب بلعبة مغشوشة من البداية
وعبر يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، عن استغرابه تصنيف “مراسلون بلا حدود”، قائلا إن “التصنيف وطريقة إعداده خاطئان، وهو لا يستجيب للمعايير العلمية”.
وأضاف مجاهد، في تصريح لبلبريس هو تقرير له طابع سياسي وليس حقوقي، وانطلاقا من خلفية سياسية فمنظمة "مراسلون بلا حدود" تبحث عن أي ذريعة لتدين حريات الصحافة في المغرب، مثل تطرقهم لوجود 11 صحافي مسجون في المغرب، وكذلك تضييق للصحافة المستقلة، وقضية التجسس على هواتف الصحفيين بنظام "بيغاسوس" والحقيقة أنه لم يثبت تقنيا أن المغرب كان من وراء هذه العملية وهي اتهامات لا أساس لها من الناحية العلمية.
وتساءل عن ما هو المعيار الذي اتخذته المنظمة المذكورة لتصنيف المغرب وعن تقهقره بـ 9 مراكز بدون أي مبرر ضد حرية الصحافة، كل هذه الأشياء تبين أن لديهم موقف سياسي مسبق، وبالتالي يبحثون عن سبب لتوظيفه في مواقفهم السياسية
وزاد: “مما يؤكد منهجية مراسلون بلا حدود، أنهم لم يسبق أن التقوا بمن تقدموا بهذه الشكايات وعائلاتهم أو حتى محاميهم”، متابعا بأن “المنظمة لها موقف مكتوب مسبقا، ومن يعدون تقاريرها يستمعون لأصحابهم الذين يتقاسمون معهم المواقف نفسها، هذه المنظمة لها نظرة أحادية تنعكس في علاقتها بالمجتمع المغربي”.
وأشار مجاهد إلى أن المنظمة “لا تأخذ بعين الاعتبار أيضا تقارير النقابة الوطنية للصحافة المغربية، مثلا. كما أن الزيارات التي تقوم بها في هذا الصدد مجرد ذر للرماد في العيون”، مشددا على سمعتها المشبوهة لدى عدد من الهيئات الممثلة للصحافيين حتى في فرنسا، قائلا: “الفيدرالية الدولية للصحافيين، التي أنتمي إليها، لديها موقف من هذه المنظمة وتتعامل معها بحذر شديد، ناهيك عن أن عددا من نقابات الصحافيين في العالم تعتبر أن ليس لها مصداقية”.
وختم رئيس المجلس الوطني للصحافة تصريحه قائلا: “هي منظمة فرنسية لها أجندات سياسية، والدليل أن بلدانا أخرى في محيطنا ارتكبت فظاعات كثيرة ولم تصنف مثلنا، وبالتالي ما تقوم به هو تدخل سياسي بالدرجة الأولى لا علاقة له بمعايير حرية الصحافة”.
النقابة الوطنية للصحافة المغربية :خلفيات سياسية لها علاقة بموقف البلد الراعي لهذه المنظمة
د.ميلود بلقاضي رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية: تقرير بلغة ملغومة وبمنهج مؤدلج وبمضمون مسموم وغير منصف
الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تدين وتستنكر مضامين «تقرير» منظمة «مراسلون بلا حدود»
وأعلنت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين عن قراءتها لـ«فقرات» مما سمّته «مراسلون بلا حدود»، «تقريرا» حول «حرية التعبير والصحافة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط»، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الـ3 من شهر ماي من كل سنة.
وذكر بلاغ صادر عن الجمعية، أنه «والواقع، أن الجمعية لم تتجاوز الفقرات الأولى، لتدرك أن الأمر يتعلق بتقرير سبق رؤيته أو قراءته في السنوات الماضية، إذ تدين هذه المنظمة الباريسية بالوفاء إلى أسلوب التضليل والافتراء والتحايل على الرأي العام الدولي، عبر تجميع مغرض للمعطيات والبيانات، وانتقائية فجة في اختيار الخبراء والمصادر، وصولا إلى أحكام القيمة».
وتتقمص «مراسلون بلا حدود»، في هذه الأوقات من السنة، يضيف البلاغ، «دور الأستاذ الذي يحمل عصا في وجه أنظمة ودول وكيانات بعينها، من أجل تخويفها وترهيبها باستعمال معاجم رنانة مثل الحرية والصحافة والحق في التعبير والمسؤولية والاعتقال التعسفي والأحكام القضائية الجائرة، وذلك حتى يسهل التحكم في هذه الدول والحكومات، وتوجيهها سياسيا واقتصاديا، خادمة لأجندات لم تعد خافية».
وفي هذا الصدد، أكدت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين إدراكها، منذ سنوات، أن «كل ما يصدر عن هذه المنظمة مجرد بهتان ومخطط موجه، الهدف منه التشويش على مسارات التنمية والسيادة على دول في المنطقة العربية وشمال إفريقيا، وضمنها المغرب أساسا، إذ لا نحتاج إلى ذكاء كبير لنفهم أن تقرير 3 ماي 2023 يأتي في سياق تقارير أخرى، تستعمل نفس المعجم والمصطلحات، كأنما تنهل من محبرة واحدة».
وأردف البلاغ أنه «وإذ تبرأ الجمعية بنفسها من مناقشة «قضايا» مضللة وردت في التقرير السنوي، مثل تراجع حرية الصحافة إلى الرتبة 144 عالميا، أو إثارة ما سمّته بالمحاكمات الجائرة للصحافيين، واستعمال ملفات الابتزاز الجنسي ضدهم، فإنها تذكر في الوقت نفسه:
- أولا، إن «مراسلون بلا حدود» هي آخر منظمة يمكن أن «تنقط» المغرب في ملفات تتعلق بحرية التعبير والصحافة، ليس فقط لانعدام الصفة، بل لفقدان الشرعية الأخلاقية والأدبية، بسبب سوابق التورط في خدمة أجندات أجنبية داخل الدول، موضوع التقارير السنوية.
- ثانيا، غياب المصداقية والموضوعية، إذ تعتمد المنظمة الفرنسية على الخبراء والحقوقيين والمجموعات نفسها، مصدرا للمعطيات والتحليل والخلاصات، ما يضعها في مأزق النزاهة الفكرية.
- ثالثا، خوضها المقيت في الشؤون الداخلية للدولة، واستقلالية مؤسساتها، عبر التشكيك المستمر في أحكام صادرة عن أجهزة التداول القضائي التي تضم قضاة ومحامين ومراقبين من المجتمع المدني والحقوقي.
- رابعا، الانتقائية في التعاطي مع مواضيع الصحافة والإعلام وحرية التعبير في المغرب، إذ تركز المنظمة، بشكل متعمد، على النصف الفارغ من الكأس (إن وجد)، بينما تغض الطرف على منجزات حقيقية تعكس التطور الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة، دستوريا وسياسيا، أو على مستوى الاهتمام بأوضاع الصحافيين مهنيا واجتماعيا (الدعم الاجتماعي نموذجا).
- خامسا، ومن باب المساهمة في التطوير، نقترح على المنظمة أن تغير اسمها من «مراسلون بلا حدود»، إلى «أفاقون بلا حدود»، هكذا يكون الاسم منسجما أكثر مع القول والفعل والأسلوب ومركب الحقد»
عباس الوردي:منظمة ”مراسلون بلا حدود” تخدم أجندات معادية للمغرب
في هذا الصدد، أكد المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عباس الوردي، أن هذا التصنيف ”غير مبني على حجج وبراهن دامغة، خاصة تجاه الدول الضالعة في تكريس منعطف الديمقراطية والحريات، وتقنين الحقوق والواجبات، بينها المغرب”.
واعتبر الوردي في تصريح صحفي،”، أن مزاعم منظمة ”مراسلون بلا حدود” بشأن تراجع المغرب عالميا على مستوى حرية الصحافة بـ9 نقاط، لا تتوافق مع واقع حرية الصحافة بالمملكة، مقارنة بما عليه الحال، على سبيل المثال بفرنسا والجزائر”.
وتساءل المحلل ذاته: ”كيف لنا إذن أن نرتب الجزائر في المركز 136 والمغرب في الرتبة 144، وفرنسا في الرتبة 24 عالميا، في ظل ما تعيشه هذه الدول (فرنسا، الجزائر) من أوضاع مزرية، فيما يتعلق بقمع الصحفيين والزج بهم في السجون”.
وفي هذا السياق، شدد الوردي، على أن منظمة ”مراسلون بلا حدود”، بتقريرها هذا ”تخدم أجندات خارجية معادية للمصالح المغربية”، مبرزا علاقة بنفس الموضوع، أن المغرب من الدول السباقة التي تسعى إلى حفظ الحقوق “حيث إن الصحافيين يعبرون بكل أريحية عن مواقفهم في إطار ما يسمح به القانون”.
وتابع المحلل: ”إذ ما كانت هذه المنظمة، تقصد من خلال تقريرها الصحفيين السجينين سليمان الريسوني أو عمر الراضي وغيرهما، فإنهما توبعا أصلا بجرائم الحق العام بعيدة عن جرائم حرية الرأي والتعبير، مشيرا في هذا الإطار إلى ”تغييب مشاركة المؤسسات المغربية، بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مثل هذه التقارير”.
وخلص المتحدث، إلى التأكيد على أن متابعة هؤلاء الصحفيين بالمغرب، جاء في إطار تفعيل مبدأ المساواة أمام القانون، على غرار باقي المواطنين المغاربة، في حالة ارتكابهم لجرائم الحق العام، المعاقب عليها في نصوص القانون الجنائي.