يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الاربعاء الموافق لتاريخ 19 أبريل 2023، تحت الرئاسة الشهرية الروسية، جلسة مغلقة لمناقشة تطورات قضية الصحراء وآخر مخرجات المساعي التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لنزاع الصحراء، ستافان دي ميستورا، وذلك تطبيقا لمقتضيات قرار مجلس الأمن رقم 2654 الصادر في نهاية أكتوبر الماضي، والذي تم بموجبه تجديد الولاية الانتدابية لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء “مينورسو” لسنة كاملة إلى غاية 31 أكتوبر 2023.
ومن المنتظر أن يستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15، لإحاطة يقدمها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، يحيط فيها الأعضاء بكل تحركاته طيلة الفترة الماضية، منذ اعتماد قرار المجلس رقم 2654، وكذا المستجدات التي سجلها النزاع، سعيا لإلمام الأعضاء بتلك التطورات سواء على الصعيد السياسي أو الميداني، وكذا إخطارهم بالجهود التي يبذلها بعد نحو سنة ونصف من تعيينه مبعوثا شخصيا.
ومن المرتقب أن تتضمن الإحاطة التي سيقدمها ستافان دي ميستورا، المشاورات الرسمية التي أجراها مع مختلف الأطراف، ويتعلق الأمر هنا بالمملكة المغربية والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، فضلا عن الفاعلين الدوليين الناشطين ضمن مجموعة “أصدقاء الصحراء الغربية” بمجلس الأمن، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا، وهي المشاورات التي سيحاول المبعوث الشخصي تقديمها على أساس أنها تطور كبير فيما يخص النزاع، وذلك ردا على التصور المطروح الغالب حاليا على مخيال الفاعلين والمنتظم الدولي والمتتبعين، وهو عدم قدرته على تقديم أي جديد أو دفعة في النزاع منذ تعيينه بتاريخ 7 أكتوبر 2021.
ومن المؤكد تضمين المبعوث الشخصي إحاطته بالمستجد الأخير وليد المشاورات غير الرسمية، ذلك المرتبط بالتمكن من تسيير قوافل تموين لعناصر بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “مينورسو”، خلال الفترة مابين 5 و7 أبريل الجاري، ووصولها لموقعي البعثة في تفاريتي وامهيريز، والتسويق للتطور أنه حدث جلل، بيد أن الواقع يكشف أنه عادي، بالنظر للحالة التي كان عليها النزاع ما قبل 13 نونبر 2020 عندما تحرير معبر الگرگرات.
وستتضمن الإحاطة التي سيقدمها ستافان دي ميستورا أيضا، مسألة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “مينورسو” بشكل تفصيلي، بحيث سيناقش في إحاطته ضرورة تنفيذ البعثة لولايتها فيما يخص شق مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، ورهن ذلك الدور بالأمن والاستقرار لحيازة الدعم الدولي، خاصة في ظل الإكراهات التي تواجهها، سواء فيما يخص التمويل أو التوجس من الإرهاب، وكذا صعوبة تغطيتها لكامل المنطقة العازلة.
وفي هذا الصدد، سيُعيد المبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا، تقديم رئيس قوات بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” الجديد المعين في مارس الماضي لأعضاء المجلس، ويتعلق الأمر باللواء البنغلاديشي، محمد فخر إحسان، بعد نهاية مهمة اللواء الباكستاني ضياء الرحمان، وذلك في محاولة لضخ دماء جديدة بالبعثة، ومحاولة ابتكار حلول ناجعة لتجاوز الإكراهات المطروحة، خاصة مع ما تصفه الأمم المتحدة بـ”تجدد الأعمال العدائية” شرق الجدار الرملي.
في هذا السياق قال هشام معتضد، باحث في العلاقات الدولية، إن قيادة البوليساريو تحاول كالعادة القيام بالعديد من الخطوات التمويهية سياسيا من أجل محاولة تضليل الدول الأعضاء في مجلس الأمن عبر رسائل مبنية على مجموعة من الادعاءات الكاذبة والافتراءات بُغية الترويج لها على مستوى مجلس الأمن.
وأضاف معتضد، ، أن صلابة الملف المغربي وانسجام مكوناته، مسألة تدفع الجبهة دائمًا، “على غرار منوالها الكلاسيكي مع اقتراب تقديم الإحاطة السنوية على مستوى مجلس الأمن، إلى اختلاق مزاعم وهمية وفضائح مشبوهة تنسبها إلى المملكة المغربية من أجل كسب عطف المنتظم الدولي وصرف نظره على إنهاء مسلسل التسوية السياسية للملف تماشيا والحقائق التاريخية لهذا النزاع، وذلك حفاظا على الشرعية القانونية للصحراء المغربية”.
وأضاف المتحدث أن الأمم المتحدة ستطالب البوليساريو بالعديد من الإجراءات، على رأسها “الانخراط الفعلي والمسؤول في إيجاد حل نهائي ومشروع يحترم أخلاقيات المنتظم الدولي في تدبير النزاعات والمرجعية التاريخية للقضية دون التملص والمراوغة السياسية التي تدأب قيادة البوليساريو على تطبيقها في محاولة لإطالة أمد هذا النزاع المفتعل”.
وزاد موضحا أن البوليساريو ستكون تحت ضغط أممي كبير وغير مسبوق من أجل تقديم تفسيرات وتوضيحات حول التحركات الإجرامية التي تتعمدها مكوناتها العسكرية، والعديد من الجماعات المحسوبة عليها، في بعض المناطق شرق الجدار الدفاعي في الصحراء، في خرق سافر لتوجهات الأمم المتحدة والمؤسسات الأممية.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الملف محمد سالم عبدالفتاح، “، أن جلسة مجلس الأمن حول قضية الصحراء. المرتقب عقدها ، يؤطرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654 الصادر في أكتوبر 2022. والذي باتت الأمم المتحدة تتبنى من خلاله مقاربة واقعية و عقلانية تتجسد في إيجاد حل سلمي و تفاوضي متفق عليه بين الأطراف. مؤكدا أنها تأتي في إطار مواكبة الجهود التي تبدلها الأمم المتحدة لتقريب وجهات النظر الأطراف. والمساعي التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام سيفان ديمستورا الرامية إلى جمع الاطراف على طاولة المفاوضات.
وأضاف رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في حديثه للجريدة، أن هذه المقاربة المعبر عنها في قرارات مجلس الامن المتتالية تتقاطع مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي وتصفها بالجدية وذات المصداقية. و بأنها الأساس الوحيد و الجيد للمفاوضات. كونها المبادرة الوحيدة المطروحة على طاولة الحوار. لكن قرارات مجلس الأمن الأخير باتت تؤكد على الدور الجزائري في هذا النزاع. كون الجزائر طرف رئيسي معني مدعوة للمشاركة في الطاولة المستديرة. ولكنها أيضا الطرف المعرقل للجهود والمساعي التي يقوم بها الأمم المتحدة ممثلة في المبعوث الأممي دي ميستورا.
في المقابل، يسترسل عبد الفتاح، تؤكد القرارات الأممية وتقارير مجلس الأمن الدولي على اليد المغربية الممدودة لإعادة مياه العلاقات المغربية الجزائرية إلى مجراها الطبيعي. من خلال إحالة تقارير الأمين العام الأممي على مضامين الخطابات الملكية المتعلقة بالعلاقات مع الجزائر و الداعية لفتح الحوار وتجاوز الخلافات. والتأسيس لعلاقات جدية ومتينة بين البلدين، كما تؤكد التقارير المتتالية على المكاسب السياسية والدبلوماسية والميدانية التي راكمها المغرب مؤخرا. الى جانب الإشارة الى المنجز السياسي والتنموي والحقوقي الذي راكمه المغرب في الأقاليم الجنوبية.