محلل لبلبريس: خلق مؤسسة دستورية للطائفة اليهودية هو رسالة للعالم حول التعايش بين جميع المكونات المغربية

حافظ المغرب على كافة خصوصيته ومكوناته الإجتماعية منذ القدم، ولهذا لم يشكل الإعتراف بالمكون اليهودي شيئا جديدا بالنسبة له، فهو ليس وليد الدستور الحالي، وإنما تمت ممارسته قبل الإستقلال وبعده، إذ يوجد حرص منذ عهد الملكين الراحلين للحفاظ على الهوية اليهودية.

 

ونظرا لكون الطائفة اليهودية المغربية لها جذور قوية ثقافتا و هوية، فإن دستور 2011 لم يكن إلا فرصة  لإثباث على أنها مكوناإجتماعيا أساسيا في مجال التلاقح لإغناء الثقافة المغربية، شأنها شأن الرافد الحساني أو الأندلسي، و هذا ما يجعل الدعم الدستوري يندرج ضمن دساتير الحقوق وليس دساتير القوانين، إذ إنه حريص على ضمان مختلف الحقوق في صيغتها السياسية والمدنية والإجتماعية والثقافية، ولذات الغاية كان حريصا على صون حقوق كافة الفئات، بما فيها الطائفة اليهودية.

 

ويقدر عدد أبناء الطائفة اليهودية المغربية المقيمين حالياً في المملكة بحوالى ثلاثة آلاف شخص، وهم بذلك أكبر طائفة يهودية في شمال أفريقيا على الرّغم من الهجرة الكبيرة لليهود المغربيين إلى إسرائيل في أعقاب قيام الدولة العبرية في 1948.

 

وجذور اليهود ضاربة في المغرب وقد زادت أعدادهم بقوة في هذا البلد في القرن الخامس عشر بعدما هربوا إليه إثر طردهم من جارته إسبانيا. وفي نهاية أربعينيات القرن الماضي ناهز عدد اليهود المغربيين المقيمين في المملكة 250 ألف شخص.

وبعد إستئناف العلاقات المغربية الإسرائلية في الأونة الاخيرة، أخد الإعتراف منحى التفعيل المؤسساتي، وهو ما عرفته أشغال المجلس الوزاري ، أمس الأربعاء، في القصر الملكي، بالرباط بشأن تنظيم الطائفة اليهودية المغربية، ولذلك بعد إعدادها وفق مشاروات موسعة جرت مع الأخيرة ومع ممثيلها.

ويأتي هذا الإحداث المؤسساتي، ضمن توجيهات الملكية التي يتولها الملك، أمير المؤمنين، الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، لكل المغاربة على إختلاف عقائدهم الدينية، وتكريسا للرافد العبري كمكون للثقافة المغربية الغنية بتعدد روافدها، والتي تقر بإحداث المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية، إلى جانب لجنة اليهود المغاربة بالخارج، و مؤسسة الديانة اليهودية المغربية.

 

وقال رشيد توهتو ،أستاذ باحث بالمعهد الوطني للإحصاء و الإقتصاد التطبيقي بالرباط، في تصريح خص به "بلبريس"، أن القرارات التي تهم الطائفة اليهودية في المغرب التي إتخدها صاحب الجلالة بالأمس أثناء ترأسه للمجلس الوزاري ، قرارات تأتي في خضم تسريع وتطبيق مسلسل طويل للإعتراف وإدماج الطائفة اليهودية كمكون ورافد مهم في الثقافة وفي المجتمع المغربي.

 

ويرى رشيد توهتو،  أن القرار بالنسبة يشكل بداية لتنفيد قرار ابراهم، اي  أن الإهتمام ليس فقط بما هو جيوستراتيجي لخلق علاقات خارجية مع دولة إسرائيل بل هو كذلك إهتمام داخلي ورسالة الى العالم بان المكون العبري او طائفة اليهودية في المغرب هي طائفة مهمة ومكون أساسي من جميع المكونات الروافد الإثنية في المغرب مثل الأمازيغ والحساني.

 

أضاف الأستاذ الباحث، أن خلق مجلس وطني للطائفة اليهودية الذي ستنبثق عنه لجن جهوية وكذلك مجلس يعنى باليهود مغاربة المهجر وكذلك لجنة للمحافظة على ديانة اليهودية، ماهو إلا مسلسل تاريخي مهم وطويل بدأ مع دستور 2011 الذي جاء باعتراف المكون العبري كمكون من المكونات الأساسيه في المغرب .

وأكد المتجدث نفسه، على أن خلق مؤسسة دستورية، هو فضاء مهم لتعايش بين جميع المكونات الثقافية في المغرب خاصة وأن اليهود لهم إرتباط وجداني ببلادهم المغرب الأساس ويدافعون عن القضايا الوطنية بما فيها القضية الكبرى إلا وهي الصحراء المغربية.

وأشار الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني للإحصاء و الإقتصاد التطبيقي بالرباط،، "فخلق لجن مؤسساتية دستورية تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس ومن أعلى قمة في المغرب ماهو إلا رسالة لجميع الدول، لأن المغرب حين يهتم برافد ومكون من روافده الإجتماعية ليس مزايدة على احد لكن هي تعبير عن حسن النية وعن إشتغال كبير من أجل أن يحظى اليهودي المغربي والديانة اليهودية واليهود اينما كانوا في العالم فهم مغاربة ولهم إرتباط وثيق ببلدهم الأصلي."


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.