تقرير..إرتفاع الأسعار بين خصوصية المغرب وتضرر المواطن وجشع الشركات

قبل خمس سنوات من الآن، عرف المغرب شكلا من أشكال الإحتجاج يختلف عن الأشكال المعروفة، "حملة المقاطعة"، وبسياقها المختلف، يرجح أن تعود بعد أن دعت إليها صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي من جديد، على إثر الشجع الذي أصبح يشبه بالعمل الروتيني لسماسرة المحروقات في المغرب وفي  أسوأ أزمة يعرفها المغرب على مستوى قطاع المحروقات.

غير أن الحكومة إلى حدود الساعة عاجزة عن تسجيل موقف واضح من الأزمة وتقديم حلول ولو مؤقتة، في الوقت الذي تقول فيه للمغاربة إنها لا تملك إمكانية التدخل لوقف النزيف الذي أصاب جيوبهم.

وفي الوقت  نفسه، ظل دعم صندوق المقاصة  لعقود يحقق ضمانة "للسلم الإجتماعي" تقرر رفعه عام 2015 نظرا لكلفته الباهظة على ميزانية الدولة،  على أساس أن يتم تعويضه بتحويلات مالية شهرية للأسر الفقيرة.

غير أن ذلك لم يتحقق، حيث  تحولت أسعار المحروقات في المغرب إلى مادة للتراشق بين الفرقاء السياسيين، داخل مؤسسة البرلمان بين الحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش مالك شركة إفريقيا للمحروقات.

 وكان الإرتفاع الكبير الذي عرفته أسعار المحروققات في المغرب ، قد أثار الجدل بشأن جني شركات المحروقات أرباحا توصف "بالجشعة"، وتساؤلات ونقاش عن "تضارب للمصالح" يمنع رئيس الحكومة من تحديد سقف للأسعار، تعود لذات الإعتبارات المذكورة.

وكانت وزيرة الإقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، قد كشفنت بمجلس النواب، أن الحكومة لا تتوفر على الميزانية الكافية لدعم قطاع المحروقات، مشيرة إلى عدم وضوح الرؤية حول منحى الأسعار، كما أن لاسامير لا يمكن أن تحل الأزمة الحالية.

وفي هذا الصدد، عبرت الجبهة الوطنية لإنقاذ "سامير"، عن تنديدها لمثل هذه التصريحات المضللة والمستفزة للحكومة ووزرائها والمحكومة بخلفية التعارض مع المصالح العليا للمغرب والمتماهية مع إنتظارات اللوبيات المتحكمة في المال والسياسة.

أوراز....المغرب له خصوصياته ودائما ما يثأتر بالغلاء

في ذات السياق، قال رشيد أوراز  الخبير الإقتصادي، والباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، في تصريح لـ"بلبريس"، أنه من المتوقع أن تظهر مثل هذه الدعوات، لأنه في السياق المغربي الغلاء يسبب دائما غضبا إجتماعيا.

وأضاف رشيد أوراز، أن هذه الموجة كسابقاتها ستؤدي لغضب إجتماعي وربما إحتجاجات أو موجة مقاطعة، مشيرا إلى أن في السابق قد تستهدف بعض الماركات أو الشركات التي يظهر أصحابها في المجال السياسي أيضا، ويقدمون كرجال أعمال.

وأكد الخبير الإقتصادي، أن هذه الموجة هي موجة من التضخم عالمية، لكن السياق المغربي له خصوصيته وهو أن المواطن المغربي يتأثر بالغلاء بشكل كبير بسبب ضعف قدرته الشرائية.

الفينة ....الإقتصاد الوطني مهدد والمواطن بدرجة الأولى

قال إدريس الفينة المحلل الإقتصادي والأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والإقتصاد التطبيقي،في تصريح لبلبريس أن إرتفاع الأسعار المحروقات أصبح واقع عالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير، وذلك نتيجة الضغط المتراكم على أسواق البترول، وبما أن المغرب غير منتج لهذه المادة فإنه سيشكل إنعكاسا كبيرا على الأثمنة .

وأكد الفينة، أن كل هذا يجعل يشكل صعوبة أمام الإقتصاد في تحمل التابعات الإرتفاع، الذي سيؤدي إلى تضحم كبير جدا، والذي قد  يكون سببا في إرتفاع عدد من المواد الأساسية التي يستعملها المواطن.

وتابع  المتحدث في تصريح لـ "بلبريس" قائلا: "ـأعتقد أن الحكومة لها مجموعة من الأليات التي تمكنها من ضبط أسعار و لا تتركها تنزلق إلى مستوى لا يمكن للمواطن السبيط تحمله، ومن هذه اللأليات تخفيض الضرائب على الإستيراد والضريبة الداخلية، لأن دون ذلك فالإقتصاد الوطني مهدد والمواطن بدرجة الأولى  لهذا هي مجبرة لتخفيف العبأ عليه ".

اليماني....دور مصفاة "لاسامير" مهم لتخفيف من الأزمة الحالية

قال الحسين اليماني، رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول سامير، أن الحديث عن أسعار المحروقات في المغرب يختلف بين السياق الدولي والداخلي، خاصة بعد رفع الدعم عنها في عهد حكومة بنكيران، وتحريرها، وهو الأمر الذي اغتن منه القائمين على القطاع.

وأوضح اليماني في تصريح لـ"بلبريس"، علة أنه بعد محصارة النفظ الروسي وتراجع الاضطراب على المستوى الدولي، يوجد عاملين أسهم في ثأثير على غلاء أسعار المحروفات  ابرزها غلاء مواد المصفاة أو ما يسمى الأرباح الناتجة عن عملية التكرير والتي كانت سببا في القفزة الصاروخية للإسعار.

وأضاف المتحدث، قائلا:" فهذه الظاهرة وفي هذا المعطى، سيكون ردنا على الوزيرة بشكل واضح لو أننا نتوفر على المصفاة لا كان بإمكاننا أن نستفيذ من الأرباح النجمة عن تكرير، وبالتالي ستكون لدينا فرصة لشراء النفظ الخام مقارنة مع النفظ المصفاة .

وتابع اليماني ، قائلا : " اليوم حتى طاقة تكرير في العالم هناك تقارير تتحدث بشأنها، خاصة وأنها أنه أصبحت محدودة، وبالتالي ما أحوجنا لعودة مصفاة "لاسامير"،  والتي سيكون لها  إضافة لأن لاسامير تعمل ضمنيا على الرفع من مخزون الوطني، والذي سبق للوزيرة أن أعلنت على أنه وصل 26 يوم وهو الحضيض الذي يشهده المغرب، وبالتالي فلاسامير ستساهم بشكل أخر في أنها ترفع من إحتياطي الوطني ".

الحسين اليماني، أكد على أن إرادة الحكومة منعدمة في هذا الشأن كما أنها لا تتوفر على شجاعة الكاملة لتفتح نقاش حول المصفاة لاسامير،  ولهذا تقدم حججا واهية في القطاع يلعب فيه حل لاسامير دور مهم لحل الأزمة الحالية التي يشهدها العالم .